صلاة وهم الذي يتمون صلاتهم بعد ركوع الإمام وسجوده، وطائفة بصلاة واحدة وهم الذين يكبرون ويركعون ويسجدون معه مواصلة له ومبادرة، وطائفة تخرج بغير صلاة وهم الذين يرفعون ويضعون قبله فيسابقون إمامهم، وليقرأ في صلاة الغداة بسورتين من المثاني وهي مادون المائة، فإن الإطالة في قراءة الفجر والتغليس سنّة، ولا يضرّه خروجه منها مسفراً إذا كان قد دخل فيها مغلساً، ولا أكره أن يقرأ في الركعة الثانية منها بأواخر السور من نحو الثلاثين أو العشرين إلى أن يختمها لأن في ذلك مزيد تذكرة وفضل تبصرة، لأنه يبعد طروقه على الأسماع لكثرة الاعتياد لتلاوة السور القصار فهي أدنى إلى الانقطاع والتفكّر، وإنما كره أن يقرأ من أوّلها كذلك، ثم يقطع أو يقرأ من وسطها، ثم يركع قبل أن يختمها هذا الذي كرهه بعض العلماء.
وقد روينا أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ بعض سوررة يونس فلما انتهى إلى ذكر موسى وفرعون قطع فركع، وروينا حديثاً أشهر منه أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في ركعتي الفجر مائة مرة من سورة البقرة قوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِالله) البقرة: 136 الآية، وفي الثانية: (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ) آل عمران: 53، وفي رواية أنه قرأ فيهما: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ) آل عمران: 18، وأنه سمع بلالاً يقرأ من ههنا وههنا فسأله عن ذلك فقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال: أحسنت أو أًصبت، والخبر المشهور عن أبي بكر الصديق قال الصنابحي: صلّيت خلفه المغرب فأصغيت إليه في الركعة الثالثة، فإذا هو يقرأ هذه الآية: (رَبَّنَا لاَ تُزِغ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا) آل عمران: 8 الآية، فكذلك يستحبّ أن يقرأ بهذه الآية خاصة في الثالثة من صلاة المغرب، وروينا عن ابن مسعود أنه أمّ الناس في صلاة العشاء الآخرة فقرأ في الركعة الثانية بالعشر الأواخر من سورة آل عمران، وأنه قرأ أيضاً في هذه الصلاة بآخر سورة الفرقان من قوله تبارك وتعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بُرُوجاً) الفرقان: 61 وقد قال الفقهاء في المستحبّ من القراءة بعد سورة الحمد من الزيادة عليها أن يقرأ ثلاث آيات من سورة، وبعضهم يقول: آيتين من سورة، فإن اكتفى بسور الحمد أجزأه.
وقد روينا عن جابر بن زيد فقيه أهل البصرة وكان ابن عباس يستخلفه في الفتيا ويأمر أن يستفتي أنه افتتح الصلاة ثم قرأ الحمد ثم قال: (مدهامتان) الرحمن: 64 وركع، وهذه أقصر آىة في كتاب الله عزّ وجلّ وبعدها، ثم نظر وقد رأيت بعض الأئمة في جامع عظيم من جوامع المسلمين قرأ في الركعة الثانية من صلاة العشاء الاخرة بآخر سورة يونس وخلفه العلماء والأشهاد، فما أنكر عليه أحد، وليقرأ في صلاة الظهر بطوال المفصل إلى الثلاثين آية، في صلاة العصر بوسط المفصل على نصف صلاة الظهر، في المغرب بأواخر المفصل وآخر صلاة صلاّها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المغرب قرأ فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ