سورة والمرسلات ما صلِّى بعدها حتى قبض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أنس: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أخفّ الناس صلاة في تمام ثم قال أيضاً: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالتخفيف في الصلاة وإن كان ليؤمنّا بسورة والصافات.
وقد روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرخص إذا صلّى أحدكم بالناس فليخفّف فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة، وإذا صلّى لنفسه فليطول ما شاء، وقد كان معاذ بن جبل يصلِي بقومه صلاة عشاء الآخرة فافتتح بسورة البقرة، فخرج رجل من الصلاة وأتّم لنفسه، ثم انصرف فقالوا: نافق الرجل، ثم تشاكيا إلى رسول الله ّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشكى الرجل وزر معاذ وقال: أفتّان أنت؟ اقرأ بسورة سبّح والسماء والطارق والشمس وضحاها، وليسبّح في ركوعه وسجوده سبعاً أو خمساً ليدرك من وراءه ثلاثاً ثلاثاً لأنهم يركعون ويسجدون بعده.
وروينا أنّ أنس بن مالك لما صلّى خلف عمر بن عبد العزيزكان أميراً بالمدينة قال: ما صلِت بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل صلاة هذا الشاب قال: وكنا نسبّح وراءه في الركوع والسجود عشراً عشراً، وقد روينا مجهلاً عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كنا نسبح وراءه في الركوع والسجود عشراً عشراًً، فإن قرأ في الأخيرتين من الظهر والعصر وعشاء الاخرة بعد الحمد بسورة قصيرة أو آيتين من سورة فحسن ليدرك مَنْ وراءه قراءة الحمد على مهل، وقد اختلف مذهب السلف في الإمام يكون راكعاً فيسمع خفق النعال هل ينتظر في ركوعه ويتوقّف حتى يدخلوا في الركعة أو لا يباليهم؟ فقال بعضهم: ينتظر حتى يلحقوا معه وممن اختاره الشعبي، وقال آخرون: لا ينتظرهم فإن حرمة من معه في الصلاة أعظم من حرمة من تأخر عنها، وقال بهذا إبراهيم النخعي، وكذلك قال فقهاء الحجاز: لا ينتظرهم فإنه زيادة في الصلاة، ومن الإخلاص بها ترك التوقف بها لأجلهم، وقال بعض فقهاء الكوفة إن انتظرهم فحسن ليدركوا معه الجماعة فيكون له فضل إدراكهم، وقد قدم عثمان القنوت قبل الركوع في صلاة الغداة ليدركوا الناس الركوع، والذي عندي في هذا التوسط وهو أنه ينتظر فإن سمع خفق نعالهم في أوّل ركوعه فلا بأس أن يمدّ حتى يلحقوا، وإن سمعها في آخر ركوعه عند رفع رأسه لم أحبّ أن لا يزيد في الصلاة لأجلهم فليرفع ولا يبالي، وأفضل التشهد عندي الذي رواه ابن مسعود وجابر، وقد اختلفت الروايات في ألفاظ التشهد والذي اختاره، وأقوله ما رويناه عن عبد اللهّ بإثبات الواوات، وبتقديم اسم الله عزّ وجلّ في أوله، وبزيادة المباركات، فأكون بذلك جامعاً بين جميع الروايات لأن في حديث عمر ذكر المباركات وتأخير قوله لله عزّ وجلّ، ومن رواية ابن عمر ذكر التسمية.