أفضل من أئمة المصلّين، لأنّ هؤلاء قاموا بين الله تبارك وتعالى وبين خلقه، هذا بالنبوّة، وهذا بالعلم، وهذا بعماد الدين، وهي الصلاة، وبهذه الحجة احتّج على عليّ رضي الله عنه في تقدمة أبي بكر رضي الله تعالى عنه للخلافة لما أهله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لديننا قال: فنظرنا فإذا الصلاة عماد الدين، فاخترنا لدنيانا من رضيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لديننا، وقال ورجل: يارسول الله دلّني على عمل يدخلني الجنة، فقال: كن مؤذناً، قال: لا أستطيع، قال: كن إماماً، قال: لا أستطيع، قال: فصلِّ بإزاء الإمام، وقد كان بعض الورعين يتورع عن الإمامة لما فيها ولما على الإمام من ثقلها وتحملها، وكانوا يختارون الأذان على الإمامة ويفضلونه عليها، منهم كثير من الصحابة، وعليه أن يراعي أوقات الصلوات ليصلّي في أوائلها، فيدرك رضوان الله عزّ وجلّ، وبيّن فضل الصلاة في أول وقتها على الصلاة في آخر وقتها كفضل الآخرة على الدنيا، كذلك روي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي حديث آخر: أنّ العبد ليصلِي الصلاة في آخر وقتها ولم يفته ولما فاته من أول وقتها خير له من الدنيا وما فيها، وليتمّ الركوع والسجود والاعتدال والقعود بنيهما، فيكون ذلك قريباً من السواء، معتدلاً كله، حتى يدرك مَنْ وراءه من الضعفاء والمرضى، فتلك كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وينبغي أن يكون له ثلاث سكتات.
كذلك روى سمرة بن جندب وعمران بن حصين عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أولهن: إذا كبر وهي الطولى منها مقدار ما يقرأ من خلفه فاتحة الكتاب لئلا يقرؤوا في قراءته، فيكون عليه ما نقص من صلاتهم، فإن لم يقرؤوا فاتحة الكتاب في سكوته واشتغلوا بغيرها، فذلك حينئذ عليهم، وقد فعل هو ما عليه، والسكتة الثانية إذا فرغ هو من قراءة الحمد ليتمم من بقى علي شيء من فاتحة الكتاب في هذه السكتة وهي على النصف من السكتة الأولى، والسكتة الثالثة إذا فرغ من قراءة السورة قبل أن يركع وهي أخفهّن على النصف من السكتة الثانية لئلا يكون مواصلاً في صلاته بأن يصل التكبيرة بالقراءة ويصل القراءة بالركوع فقد نهى عن ذلك، وعلى المأموم أيضاً أن لا يصل تكبيره الإحرام ولا تسليمه بتسليم الإمام، وعليهما أن لا يصلا التسليمتين ليفصلا بينهما، فقد نهى عن المواصلة في الصلاة وهي في هذه الخمس، وعلى المأموم أن يكبر ويركع ويسجد ويرفع ويضع بعد الإمام ولا يخرّون سجّداً حتى تقع جبهة الإمام على الأرض وهم قيام ثم يخرّون بعده، كذلك كانت صلاة الصحابة خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يكبر حتى يعتدل الصف وراءه، وليلتفت يميناً وشمالاً، فإن كان أعوج أشار بيده، وإن رأى خللاً أمر بسدّه فإن تسوية الصف من تمام الصلاة، وكانوا يحذون بين المناكب ويتضامون في الكعاب، وقد قيل: إنّ الناس يخرجون من الصلاة على ثلاثة أقسام، طائفة بخمس وعشرين