الفصل الثالث والأربعون
فيه كتاب حكم الإمام ووصف الإمام والمأموم
فإن كان هذا المريد إماماً لحيّه كان عليه أن يقوم بحكم الإمامة حتى يتمّها، فيستحق الإمام بأن يكون له مثل أجر من صلّى خلفه بأن يكون داعياً إلى الله عزّ وجلّ، قائماً بين الله تعالى وبين عباده هو وجهتهم وطريقتهم إليه، وفي الخبر: إنما الإمام أمير، فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا، وفي الحديث فإن تمّ فله ولهم، وإن نقص فعليه ولا عليهم، وفي الخبر: أئمتكم وفدكم إلى الله عزّ وجلّ، فإن أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم، وفي الخبر المشهور: الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين، وفي الحديث: ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، وفي لفظ آخر: لا تجاورصلاتهم رؤوسهم: العبد الآبق، وامرأة زوجها عليهاساخط، وإمام قوم وهم له كارهون، فأوّل ما عليه من الشروط أن يكون مجتنباً للفسوق والكبائر وغير مصرِّ على الصغائر، قارئاً لكتاب الله عزّ وجلّ، أو لما يحسن منه بغير لحن ولا إحالة معنى، عالماً بفرائض الصلاة وسننها، وما يفسدها وما يوجب السهو وما لا يوجبه منها، وإنْ حدثت عليه حادثة في الصلاة، أو ذكر أنه على غير وضوء ورع واتقى اللهّ عزّ وجلّ، وخرج من صلاته وأخذ بيد أقرب الناس منه، فاستخلفه في مقامه، وقد أصاب ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمام الأمة في الصلاة فخرج منها، وذلك أنه ذكر أنه كان جنباً فاغتسل، ثم رجع فدخل في الصلاة، فإن كانت الحادثة في الصلاة فعل ذلك، وإن كان ذكر أنه دخل في الصلاة على غير طهارة خرج ولم يستخلف وابتدأ القوم صلاتهم، فليكن الإمام مأموناً على طهارته بإكمالها، مأموناً في صلاته بإقامتها، مخلصاً بالإمامة، يريد بها وجه الله تعالى وما عنده، ولايحلّ له أن يأخذ على الصلاة أجراً ولا على الأذان الذي هوطريق إليها، أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان بن أبي العاص الثقفي فقال: واتخذ مؤذناً لا يأخذ على الأذان أجراً، فهذا الداعي إلى الصلاة لا يحلّ له أن يأخذ على دعائه أجراً فكيف المصلّي القائم بين الله وبين عباده؟ وقد كان بعض السلف يقول: ليس بعد الأنبياء أفضل من العلماء، ولا بعد العلماء