وليقل عند فراغه من الطعام: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأوانا سيدنا ومولانا، ياكافي من كل شيء ولا يكفي منه شيء، أطعمت من جوع وأمنت من خوف، لك الحمد، أويت من يتم، وهديت من ضلالة، وأغنيت من عيلة، لك الحمد حمداً كثيراً دائماً طيباً نافعاً مباركاً فيه، كما أنت أهله ومستحقّه، اللهم صلّ على محمد وعلى آله وأطعمنا طيباً واستعملنا صالحاً لجعله عونًا لنا على طاعتك ونعوذ بك أن نستعين به على معاصيك.
وفي الأكل مع الإخوان ثلاث فضائل: روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام: إذا قعدتم مع الإخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس فإنها ساعة لا تحتسب عليكم من أعماركم، وقد روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تزال الملائكة تصلّي على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة بين يديه حتى ترفع.
وروي عن الحسن البصري رحمه الله: كل نفقة ينفقها الرجل على نفسه وأبويه فمن دونهم يحاسب عليها إلا نفقة الرجل إذا دعا إخوانه إلى طعام، فإن الله سبحانه وتعالى يستحي أن يسأله عن ذلك، وقد روي عن بعض علماء خراسان أنه كان إذا دعا إخوانه قدّم إليه م نحو القفيز من صوف الأطعمة والحبوب والفواكه اليابسة فسئل عن ذلك فقال: بلغنا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الإخوان إذا رفعوا أيديهم عن الطعام لم يحاسب من أكل فضل ذلك الطعام، فأنا أحبّ أن أستكثر مما أقدّم إلىكم لنأكل فضل ذلك، وفي خبر عن بعض السلف: لا يحاسب العبد على ما يأكله مع إخوانه، فكان بعضهم يكثر من الأكل في الجماعة ويتقلّل إذا أكل وحده، وفي الخبر: ثلاث لا يحاسب عليها العبد، أكلة السحور وما أفطر عليه والأكل مع الإخوان، ومن لم يكن له نية في تقديم فضول الأطعم بهذا الخبر، فإني أكره أن يقدّم من الطعام إلاّ ما يريد أن يؤكل، ولا يترك منه شيء ولا يستثنى هو ولا أهل البيت في أنفسهم رجوع شيء منه، وإلاّ كان ما يقدمه مما ينوي رجوع بعضه، ولا يحبّ أكل كله تصنّعًا ومباهاة، فإن علم بذلك من قدم إليه لم استحب له في الورع في أن يأكل منه لأن المأكول إذا قدّم ليؤكل بعضه فهو تصنّع وتزيّن، لا يصنع الورعون ذلك ولا يأكل المتّقون من هذا، لأنه لا يدري كم مقدار ما يحبون أن يأكلوا منه.
وروينا عن ابن مسعود قال: نهينا أن نجيب دعوة من يباهي بطعامه، وقد كره جماعة من الصحابة أكل طعام المباهاة والمباداة، وهذا مكروه لم يقدمه بهذه النية إلى إخوانه لأنه