ولا مأجور عليه إن لم يكن سبب أوجب عليه ذلك، وقال جعفربن محمد عليه السلام: أحبّ إخوان إلىّ أكثرهم أكلاً وأعظمهم لقمة وأثقلهم عليّ من يحوجني إلى تعاهده في الأكل، وقال أيضاً: يتبيّن محبة الرجل لأخيه بجودة أكله في منزله، فإن قلل الأكل مع الفقراء إيثارًا لهم أو لقلة الطعام فحسن.

وروينا أنّ سفيان الثوري دعا إبراهيم بن أدهم وأصحابه إلى طعام فقصروا في الأكل، فلما رفعوا الطعام قال له الثوري: إنك قصرت في الأكل فقال إبراهيم: لأنك قصرت في الطعام فقصرنا في الأكل، قال: ودعا إبراهيم الثوري وأصحابه إلى طعام فأكثر منه فقال له: يا أبا إسحاق أما تخاف أن يكون هذا إسرافاً؟ فقال إبراهيم: ليس في الطعام سرف، وليلعق أصابعه قبل أنْ يمسحها بالخرقة، وليأكل ما سقط من فتات الطعام، يقال: إنه مهور الحور العين يقال: من لعق الصحفة وشرب ماءها، كان له عتق رقبة، وإنْ أكل حلالاً فليقل: الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات وتنزل البركات، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وأطعمنا طيبًا، واستعملنا صالحًا، وليكثر شكر الله تعالى على ذلك، وإنْ أكل شبهة فليقل: الحمد لله على كل حال، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سينا محمد، ولا تجعله قوّة لنا على معصيتك، وليكثر الحزن والاستغفار، وفي خبر: إذا دعي أحدكم إلى طعام فلم يجب فلا يقل: كل هنيئًا، فلعله يكون أخذه من غير حله، ولكن ليقل: أطعمك الله طيبًا وليقل إذا أكل لبناً: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، وبارك لنا فيما رزقتنا، وارزقنا خيراً منه.

كذلك روي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: لأن اللبن أعمّ نفعًا من غيره، وليقل في أول لقمة: بسم الله، وفي الثانية: بسم الله الرحمن، وفي الثالثة: بسم الله الرحمن الرحيم، وليشرب الكوز في ثلاثة أنفاس يقطعه، وليقل في أول جرعة: الحمد لله وفي الثانية: الحمد لله رب العالمين، وفي الثالثة يزيد: الرحمن الرحيم، وإن سمى في أول كل لقمة فحسن، وليقرأ بعد فراغه من الطعام: قل هو الله أحد ولإيلاف قريش وتقديم الفاكهة قبل الطعام أوفق، وفي كتاب الله عزّ وجلّ ترتيب ذلك من قوله سبحانه وتعالى: (وفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرون) الواقعة: 2، (ولَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) الواقعة: 21، ولا يرفع يده قبل إخوانه إذا كانوا يحتشمون أو يحتاجون إلى بسط، فإن كان قليل الأكل تربّص حتى يضعوا أيديهم فيأكلوا صدراً من الطعام، ثم يقعد بعدهم ليستوي أكله مع أكلهم، فإن كانوا علماء لم يكرهوا ذلك منه، وقد فعله كثير من الصحابة، ولا يتكلف لإخوانه من المأكول ما يثقل عليه ثمنه أو يأخذه بدين أو يكتسبه بمشقة أو من شبهة ولا يدّخر عنهم ما بحضرته ولا يستأثر بشيء دونهم ولا يضرّ بعياله.

وروينا أنّ رجلاً دعا عليّاً رضي الله عنه إلى منزله فقال: أجيبك على شرائط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015