وثلث للنفس والطعام، إنما وضع دواء من داء الجوع، إذا وجدته عالجته به، فإذا لم تجده صار الأكل داء، لأنّ التأذّي بالأكل مثل التأذّي بالجوع أو أشد، وليأكل ما يليه إلاّ الفاكهة له أن يجيل يده فيها ويأكل بثلاثة أصابع، إلا الثريد فليأكل بأصابعه كلها، وأن لا يأكل من ذروة القصعة ولا وسط الطعام، وليأكل من نواحيه، وأن لايصمتوا على الطعام فإنه من سيرة العجم فليتكلموا بالمعروف، ولا يقطع اللحم بالسكين، فقد نهى عن ذلك، ولكن انهشوه نهشًا، ولا يقطع الخبر بالسكين ويأكل من استدارة الرغيف، إلاّ أن يكون في الخبز قلة وفي الآكلين كثرة، فيستعان بتكسير الخبز على التفرقة، ولا يكثر قول: كل على، أخيه فإن ذلك يحشمه وربما قطعه، ولا ينبغي لأخيه أن يحوجه إلى تفقده في الأكل وتكرير قوله له: كل.
وقال بعض الأدباء: أحسن الآكلين أكلاً من لم يحوج صاحبه إلى تفقده في الأكل، ومن حمل على أخيه مؤونة القول، ولايدع شيئًا من المأكول يشتهيه لأجل نظر الغير إليه، فإنه من التصنّع، فإن تركه إيثارًا لإخوانه أو قدمه إلى أخيه فحسن، ولا ينقص من أكله المعتاد في الوحدة، وإن زاد لأجل مساعدة الجماعة أو بنية فضل الأكل مع الإخوان فلا بأس بذلك، والشرب في تضاعيف الأكل متسحبّ من جهة الطب مما لم يبتدئ به أو يكثر منه، يقال: إنه دباغ المعدة، والشرب متكئًا مكروه للمعدة أيضًا من جهة الطب، والأكل متكئاً ونائماً ليس من السنّة إلاّ ما يتناول أو يتنقل به من الحبوب وما في معناها، وقد رؤي علي رضي الله عنه وهو يأكل على ترس مضطجعًا كعكًا، ويقال: منبطحًا على بطنه، والعرب تفعله، وفي الخبر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه، واملكوا العجين فإنه أعظم للبركة، وما ردّ له من المأكول مع الجماعة فلا يرده في القصعة مع الثقل، فيأكله غيره، إن وقع بيده أكله وإلاّ تركه مع الثقل، ولا نتمم الخلّ بالدسم ليطبع بالخل قبل اللحم، ويقال: إنّ الملائكة تحضر المائدة إذا كان عليها بقل، وفي الخبر: أن المائدة التي أنزلت على بني إسرائيل من السماء كان عليها من كل البقول إلاّ الكرّاث، وكان فيها سمكة عند رأسها خلّ وعند ذنبها ملح، وكان عليها سبعة أرغفة على كل رغيف زيتونتان وحبّ رمان، فهذا من أحسن الطعام إذا اتفق، فإن لم يكن فكما قال بعض الأدباء: إذا دعوت إخوانك فقدمت إليه م حصرمية وبورانية وسقيتهم ماء بارداً فقد أكملت الضيافة، ودعا