فإن زاد منهن واحدة عليهن قهرتهن ومالت بهن، ودخل عليه السقم من ناحيته بقدر غلبتها حتى تضعف عن طاعتهن، وتعجز عن مقاربتهن، ثم ذكر الحديث بطوله: وقد تغلب الحرارة على بعض المريدين من قبل قوة المزاج وحدّة الشبهات، فيظهر الطبع فيتسع المني على العزب، كما تقوى الحرارة فينبع الدم؛ لأن أصل المني هو الدم يتصاعد في خرزات الصلب وهناك مسكنه فتنضجه الحرارة فيستحيل أبيض، فإذا امتلأت منه خرزات الصلب وهو الفقار طلب الخروج من مسلكه فقويت الصحة بذلك، فهذا حين هيجان الإنسان إلى النكاح، ولا يصلح لمثل هذا أن يأكل الحرارات من الأطعمة، وليطفئ ذلك بأكل البرودات والأشياء القاطعة، وليجتنب أكل كل حار يابس أو بارد رطب؛ فإنه يهيّج الطبع ويقوي العضو.

وقد روينا عن قتادة في تفسير قوله تعالىك (وَلا تُحَمِّلْنامَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) البقرة: 286، قال الغلمة وقال فياض بن نجيح: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلث عقله.

وقد روينا عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) الفلق: 3 قال: قيام الذكر، وقد أسند بعض الرواة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاّ أنه قال: الذكر إذا دخل، وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول: أعوذ بك من شرّ سمعي وبصري ولساني وقلب ومَنِيي وروينا عن أزواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليهن أجمعين السلام أنهن كنّ يأكلن الخلّ والبرودات بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقطعن به الشهوة، وروى بعض أشياخ الصوفية قال: اشتدت علي صفتي في بدء إرادتي بما لم أطق فكنت أضج إلى اللّّه تعالى في كل وقت فرأيت شخصًا في النوم فقال لي: ما لك؟ فشكوت إليه، فقال: تقدم إليّ فتقدمت فوضع يده على صدري فوجدت بردها في فؤداي وجميع جسدي، قال: فأصبحت وقد انكشف مابي فبقيت معافى سنة، ثم عاودني ذلك بمثله أو أشد فأكثرت الضجيج إلى الله عزّ وجلّ فجاءني شخص في المنام قال: تحبّ أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك؟ فقلت: نعم، فقال: مدّ رقبتك، فمددتها فجرد سيفاً من نور فضرب به عنقي، قال: فأصبحت وقد انكشف ما بي فبقيت معافى سنة، ثم عاودني بمثله من الاغتلام وأشدّ فرأيت شخصًا يخاطبني فيما بين صدري وثوبي: فقال ويحك كم تسأل اللّّه تعالى رفع ما لم يحبّ رفعه؟ قال: فتزوجت فانقطع عني ولم يعاودني، فكان ذلك سبب ذريته وولد له، فإذا كان العبد ناسيًا لجوعه ذاكرًا لربّه عزّ وجلّ فهو يشبه الملائكة، وإذا كان شبعان مهمومًا في طلب الشهوات فهو أشبه بالبهائم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015