الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) الكهف: 82، (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) الأنعام: 68 (وإما ينسيّنك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) الأنعام: 68 وكلهم عبيد لواحد ومثل المحبوب من المحبّ مثل مقام المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مقام موسى عليه السلام، قال موسى: ربّ اشرح لي صدري، وقال لمحمد: ألم نشرح لك صدرك؟ وقال موسى: واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي، وقال لمحمد: ورفعنا لك ذكرك، أيّ تقرن بي في الشهادة والآذان، لا أوازرك بغيري لأنك من أهلي، والوزير القرين والظهير، أي فأنت من أهلي فقد وزرتك وقرنتك بذكري، فأنا ظهيرك ومعينك لا أشد أزرك بغيري، فأشبه هذا ما رويناه عن ليث عن مجاهد في قوله عزّ وجلّ: (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) الإسراء: 79 قال يقعده على العرش فكان العرش مكان الربوبية بمشيئته في الدنيا وهو مستغني عنه بقدرته، فوهبه لحبيبه في الآخرة فجعله مكانه تفضّلاً له وتشريفاً، ليكون هناك فوق المرسلين في الجلالة، كما كان ههنا آخرهم في الرسالة، وقال لموسى عليه السلام بعد المقام: قد أوتيت سؤالك يا موسى ولقد منّنا عليك مرة أخرى، ففي هذا تحديد، وقال لمحمد عليه السلام بعد المقامات وقل: ربّ زدني علماً فلم يحد له حدّاً، فهذا غاية المزيد.
وقال موسى عليه السلام ربّ أرني أنظر إليك أي في محل العبودية، وقال لمحمد عليه السلام: ما زاغ البصر وما طغى، فكان قاب قوسين أو أدنى؛ أي مكان الربوبية، فبين المحبّ والمحبوب في التقليب، كما بين موسى ومحمد عليهما السلام في التقريب، كم بين من رأى ما رأى عند نفسه في مكانه وبين من رأى ربّه في علوه، كم بين من عجل إليه شوقاً منه ليرضى عنه وبين من عجل به شوقاً إليه ليرضاه إليه لرضاه عنه، كم بين من رأى ما رأى فلم يثبت، ففاضت عليه الأنوار لضيقه، وبين من رأى ما رأى فثبت له وغاضت فيه الأنوار لسعته، فقد جاوز المحبوب مقام المحبّ في التمكين، كما جاوز محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقام موسى عليه السلام في المكان أدخل بينه وبين موسى لام الملك وأقام محمداً مقامه في الملك
وقال تعالى لموسى: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسي) طه: 41 وقال لمحمد: (إنّ الذَّينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله) الفتح:، 1، فكم بين من صنعه لنفسه وبين من جعله بدلاً من نفسه تفضلاً وتعظيماً، كم بين من فصل مدحه من وصفه وبين من وصل مدحه بوصفه، فقال تعالى في الفصل: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً منّي وَلِتَصْنَعَ عَلى عَيْني) طه: 39 وقال في الوصل: (لِتُؤْمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) الفتح: 9 الآية، وقال في مثله: والله ورسوله أحق أن ترضوه، وقد قيل في قوله تعالى: (يَا مُوسى إِنّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتي وَبكَلامي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرينَ) الاعراف: 144 أي خذ ما آتيتك من