وليدن المصلي من اسطوانة أو جدار فإذا فعل ذلك فلا يدعن أحداً أن يمرّ بين يديه وليدفعه ما استطاع، وفي حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان، وكان أبو سعيد يدفع من يمر بين يديه حتى يصرعه فربما تعلق به الرجل فاستعدى عليه مروان فيخبره أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بذلك فإن لم يتفق له اسطوانة فليجعل شيئاً بين يديه يكون طوله عظم الذراع، وقد قيل: إن كان حبلاً ممدوداً فحاجز بينه وبين المارة، وقد قيل أربع من الجفاء: أن يبول الرجل قائماً، أو يصلي في الصف الثاني ويترك الأول فارغاً، أو يمسح جبهته في صلاته، أو يصلي بسبيل من يمر بين يديه، وقد كان الحسن يقول: تخطوا رقاب الذين يقعدون على أبواب الجامع يوم الجمعة فإنه لا حرمة لهم وليقرب من الإمام وينصت ويسمع ويستقبله بوجهه كذلك السنة إلا أن يخاف أن يسمع أو يرى منكراً من لبس نقش سواد أو حرير أوديباج أو جميل سلاح ثقيل ولا يستطيع تغييره ليبعد حينئذ فهو أسلم ولا يلغو ولا يتكم في خطبة الإمام وإن بعد ولايجلس في حلقة من يتكلم والإمام يخطب ولا يقول لآخر اسكت ولكن يومئ إليه إيماء أو يحصبه بحصاة فإن لغا والإمام يخطب بطلت جمعته ولا يتكلم في العلم في خطبة الإمام ومن لم يقرب من الإمام ولم يستمع فلينصت وإن بعد كذلك المستحب.
وقد روينا عن عثمان وعلي رضوان اللَّه عليهما: من استمع وأنصت فله أجران ومن لم يستمع وأنصت فله أجر ومن سمع ولغا فعليه وزران ومن لم يستمع ولغا فعليه وزر واحد، وفي حديث أبي ذر لما سأل أُبياً والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب فقال: متى أنزلت هذه السورة فأومَأ إليه أن اسكت، فلما نزل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له أُبي: اذهب فلا جمعة لك، فشكاه أبو ذر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: صدق أبي، وكذلك جاء في الخبر: من قال لصاحبه والإمام يخطب أنصت أومه فقد لغا ومن لغا والإمام يخطب فلا جمعة له وليقطع الصلاة إذا قام المؤذنون للأذان بين يدي الإمام.
فقد روى أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضوان الله عليهم: تكره الصلاة في أربع ساعات، بعد الفجر، وبعد العصر، ونصف النهار، والصلاة والإمام يخطب، وقد جاء في الأثر خروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام وسجود العامة عند قيام المؤذنين للأذان قبل الخطبة ليس بسنة فإن وافق ذلك سجوده في صلاته أو سجود قرآن فلا بأس أن يمتد في الدعاء إلى فراغهم لأنه وقت مفضل ولا أعرف في ذلك أثراً غير أنه مباح، ومن العلماء من كره الصلاة في المقصورة لأجل أنها قصرت على السلطان وأوليائه وذلك بدعة عند أهل الورع ابتدعت في المساجد لأنها غير مطلقة لجملة الناس، فلذلك نقل في الخبر: كان الحسن وبكر المزني لا يصليان في المقصورة.
وروي: رأيت أنس بن مالك يصلي في المقصورة وعمران بن حصين أيضاً ومنهم من لم يكره ذلك ورأيت فيه فضلاً لأجل السنة في الدنو من الإمام واستماع الذكر فإن