عن ابن عباس أنه لم يكن يدع هذه الصلاة كل يوم بعد الزوال وأخبر عن فضلها ما يجلُّ وصفه، وإن قرأ المسبحات الست في يوم الجمعة أو ليلتها، فحسن، وليس يروى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ السور بأعيانها إلا يوم الجمعة وليلتها، فإنا روينا أنه كان يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة وسورة المنافقين، وقد روي أنه كان يقرأ بهاتين السورتين في صلاة الجمعة وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الجمعة بسورة سجدة لقمان وسورة هل أتى على الإنسان واستماعه إلى علم اليقين والمعرفة وحضور مجالس الذكر أفضل من صلاته وصلاته أفضل من حضوره مجالس القصاص وروينا في حديث أبي ذر حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة وفي خبر آخر لأن يتعلم أحدكم باباً من العلم أو يعلمه خير له من صلاة ألف ركعة وفي خبر قيل: يا رسول الله ومن قراءة القرآن فقال: وهل ينفع القرآن إلا بعلم والصلاة إذا عدم مجلس العلم بالله والتفقه في دين اللهه عزّ وجلّ أزكى من حضور مجلس القصص ومن الاستماع إلى القصاص فإن القصص كان عندهم بدعة وكانوا يخرجون القصاص من الجامع، روي أن ابن عمر جاء ذات يوم إلى مجلسه في المسجد فإذا قصاص يقص فقال له: قم من مجلسي فقال لاأقوم وقد جلست فيه أو قال: قد سبقتك إليه قال: فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة فأقامه فلو كان ذلك من السنة لما حل لابن عمر أن يقيمه من مجلسه سيما وقد سبقه إلى الموضع كيف وهو الذي روى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يقيم أحدكم أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسّعوا قال: فكان ابن عمر إذا قام له الرجل من مجلسه لم يجلس فيه حتى يعود إليه.
وروينا ثم يجلس فيه وقد روينا أن قاصاً كان يجلس بفناء حجرة عائشة يقص فأرسلت إلى ابن عمر أن هذا قد آذاني بقصصه وشغلني عن سبحتي قال: فضربه ابن عمر حتى كسر عصا على ظهره ثم طرده وليحذر أن يمر بين يدي المصلي وإن كان مروره لا يقطع الصلاة ففي الخبر لأن يقف أربعين سنة خير له من أن يمر بين يدي المصلي وقد جاء فيه وعيد شديد لأن يكون الرجل رماداً تذروه الرياح خير له من أن يمر بين يدي المصلي وقد سوّى في ذلك بين المار والمصلي في الوعيد ففي حديث زيد بن خالد الجهني قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلي ما عليهما في ذلك لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه