فيض القدير (صفحة 6252)

6193 - (القناعة مال لا ينفذ) لأن القناعة تنشأ من غنى القلب بقوة الإيمان ومزيد الإيقان ومن قنع أمد بالبركة ظاهرا وباطنا لأن الإنفاق منها لا ينقطع إذ صاحبها كلما تعذر عليه شيء قنع بما دونه ورضي فلا يزال غنيا عن الناس ولهذا كان ما يقنع به خير الرزق كما في الخبر السابق ومن قنع بما قسم له كانت ثقته بالله التي شأنها أن لا تنقطع لتأكد الوثاقة كنز له لا ينفذ إمداده ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير فاجعل سفينتك فيها القناعة

<تنبيه> سئل بعض الصوفية عن مقام القناعة هل يطلب من ربه القناعة بما أعطاه الحق له من معرفته كما يقنع -[540]- بنظيره من القوت؟ فأجاب بأن القناعة المطلوبة خاصة بأمور الدنيا لئلا يشتغل بكثرتها عن آخرته لكونه مجبولا على الشح وأما القناعة من المعرفة بالقليل فمذمومة بنص آية {وقل رب زدني علما} أي بك وبأسرار أحكامك لا زيادة من التكاليف فإنه كان يكره السؤال في الأحكام وأنشد يقول:

إن القناعة باب أنت داخله. . . إن كنت ذاك الذي يرجى لخدمته

فاقنع بما أعطت الأيام من نعم. . . من الطبيعة لا تقنع بنعمته

لو كان عندك مال الخلق كلهم. . . لم يأكل الشخص منه غير لقمته

وأنشد يقول:

لا تقنعن بشيء دونه أبدا. . . وأشره فإنك مجبول على الشره

واحرص على طلب العلياء تحظ بها. . . فليس نائم ليل مثل منتبه

وقال أبو العتاهية:

تسربلت أخلاقي قنوعا وعفة. . . فعندي بأخلاقي كنوز من الذهب

فلم أر حظا كالقنوع لأهله. . . وأن يحمل الإنسان ما عاش في الطلب

وقال ابن دريد:

ذاق روح الغنى من لا قنوع له. . . ولم تر قانعا ما عاش مفتقرا

العرف من يأته تحمد معيشته. . . ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا

(القضاعي) وكذا الديلمي (عن أنس) وفيه خلاد بن عيسى الصفار ورواه الطبراني في الأوسط عن جابر باللفظ المذكور رزاد وكنز لا يفنى قال الذهبي: وإسناده واه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015