من شرح المركز لزوائد الجامع الصغير: رواه ابن ماجة (5) عن أبي الدرداء قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال أالفقر تخافون والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هيه وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء قال أبو الدرداء صدق والله رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء " الحديث فيه بشارة من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة بأن الله سيغنيهم من بعد فقرهم ولكنه يحذرهم من هذا الغنى الذي ينسي العباد عبادة ربهم فلا يزال حب الدنيا بهم حتى تزيغ القلوب بعد استقامتها وتضل بعد هداها وتكون الدنيا سبب فتنتهم. وقوله (لقد تركتكم على مثل البيضاء) يعني أنه صلى الله عليه وسلم سيأتيه الموت وقد أعذر إليهم وبين أحسن بيان هذه الشريعة العظيمة بلا لبس أو غموض. قال السندي في شرح سنن ابن ماجة: قوله (آلفقر) بمد الهمزة على الاستفهام وهو مفعول مقدم لتصبن على بناء المفعول والنون الثقيلة قوله (لا يزيغ) من الإزاغة بمعنى الإمالة عن الحق قوله (قلب أحدكم) بالنصب مفعول به (إلا هيه) هي ضمير الدنيا والهاء في آخره للسكت وهو فاعل يزيغ. قوله (لقد تركتكم) أي ما فارقتكم بالموت فصيغة الماضي بمعنى الاستقبال أو قد اجتهدت في إصلاح حالكم حتى صرتم على هذا الحال تركتكم عليها واشتغلت عنها بأمور أخر كالعبادة فصيغة الماضي على معناها قوله (على مثل البيضاء) ظاهر السوق أن هذا بيان لحال القلوب لا لحالة الملة والمعنى على قلوب هي مثل الأرض البيضاء ليلا ونهارا ويحتمل أن يكون لفظ المثل مقحما والمعنى على قلوب بيضاء نقية عن الميل إلى الباطل لا يميلها عن الإقبال عن الله تعالى السراء والضراء فليفهم