الصدوق العاقل، قال أبو عبد اله الحاكم: " ففي هذا الإجماع دليل على إباحة الإبانة عن حال من ليست هذه صفته، اه "، وإذا عرفت هذا فكل ما ذكره شيخنا العلامة الصالح أبو عبد الله محمد بن الطيب القادري الحسني في تاريخه الكبير في رد هذا التقسيم مشنعاً على قائله بالتشنيع العظيم، فهو خارج عن قصد قائله السابق الذكر، وهو شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر لأن قصده رضي الله عنه إنما يتوجه باعتبار مصطلح المحدثين في القديم، وحاشا لله أن يتوجه إلى مجرد الوقوع في هؤلاء الأيمة الذين كانوا في وقته من خيار هذه الأمة، فما فر منه حينئذ شيخنا أبو عبد الله القادري المذكور من الوقوع في مثل هذا المحظور فقد وقع [فيه] في ظنه السوء بهذا الإمام الذي اتفق على رسوخه في العلم والدين جميع الأنام، وإنما أخفى ذكر أسمه لئلا يتوجه إليه في حقه الملام. وما نقله عن الشيخ أبي عبد الله المسناوي من كونه تعوذ من هذه المقالة، يكاد أن يكون في حكم الاستحالة، كيف وقد نقلتها من خطه مسندة برواية هي عنده معتمدة، ولا تعوذ من شيء منها ولا تعرض إليها برده، مع أنه رضي الله عنه كان لا يزيغ عن الحق ولو كان في جده، والظن بالجميع جميل، والله على ما نقول وكيل " اه كلام الحوات في " البدور الضاوية " بلفظه، وكتب نحوه بخطه على هامش نسخته من " نشر المثاني ".
وقد نقل كلام أبي الربيع الحوات هذا وسلمه جماعة من أعلام عصره فمن بعده وأقروه، منهم مؤرخ الدولة العلوية أبو القاسم الزياني في " الترجمانة الكبرى في أخبار هذا العالم براً وبحراً ". ومنهم العلامة الجماع المطلع أبو العباس أحمد بن عبد السلام البناني الفاسي في كتابه العجيب المسمى " تحلية الآذان والمسامع في نصرة الشيخ ابن زكري العلامة الجامع " قائلاً في حق أبي عبد الله ابن الطيب القادري: " إنه لما رام التعدي على الشيخ الكبير الشهير أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الدلائي فقد شنع عليه تشنيعاً عظيماً، وأورد أعتراضاً ظنه قوياً جسيماً، وذاك في قوله: حفاظ المغرب في زماننا