موقف المذبذبين الذين يلعب بهم كل ريح، ويستهويهم كل وارد، فيعتنق ما طلق اليوم. ويعبد غد الغد ما كان يكفر به البارحة.
ورأيه في الطرق الصوفية وجوب إصلاحها تدريجاً، والسعي في تربية من يرأسها تربية علمية دينية لا القضاء عليها، فإنها الرابطة الوحيدة بين كثير من المتدينين اليوم، وهي الماسكة اليوم أزمة أغلب مظاهر الإسلام، وحجاج بيت الله الحرام، وزوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فالساعي في قطع دابر هؤلاء ساع تحت ستار الخفاء لقطع جرثومة الإسلام والحط من كرامة النبي عليه السلام. ولو أن كل عضو من جسد مرض آثرنا قطعه على إصلاحه وعلاجه لخلا الكون من النوع الإنساني، وسادت السباع والذئاب العاوية على البسيطة، ولا يرى هذا الصخب المقام نحو رجال الدين والطرق، وأفعال بعض المتمسكين بها خاصة، وغض الطرف عن منكرات بقية الهيئات والجمعيات والمشارع التي هي محل الرأس من جسد الأمة إلا مقدمة من مقدمات التبشير، وآلة عظمى من مقومات التدمير، ولا يرى أن نهدم كل شيء من آثار قديمنا لأنه قديم، ونندمج في تيار الجديد وأهله من كل وجهة وباب لأنه جديد، من غير تمحيص ولا اختبار.
لذلك هو حفظه الله أول من يتلمذ لكل صالح مصلح إصلاحاً صالحاً بالبلاد مرتكزاً على الدين والقومية المغربية، أما لغيره فهو ممن لا تعمل فيهم تيارات هاته الأبخرة، ولا تهزهم هذه الرياح والزلازل. فهو الجبل الثابت نحو صواعقها الذي لا تعمل فيه معامل الإفساد ولو بقي وحده. وأكبر شرف يتحدى به ويختص به عن أنداده عداوة الملحدين وسباب المفسدين ودحض المساوئ التي يلحقها ويلزقها به المتزلفون، وستعلم الأجيال المقبلة أحقية مباديه هذه وأصوبيتها فتشكره، فيشكرها الإنصاف وأهله، أو تكفر به فلا يكون