يسكنها أو يدخلها إلا في دكاكين الكتبية، وأول وآخر من يلقاه صباحاً مساء باعة الكتب في حضره وسفره، وقد حازت مكتبته أكبر شهرة في العالم الإسلامي والغربي، واحتاج إليها العلماء والأدباء والكتاب ورجال الدولة. وقد كانت جريدة السعادة نشرت عنها مقالات متتابعة بقلم المؤرخ الرباطي الشهير السيد محمد أبي جندار رحمه الله. ومن اهتمامه بالكتب انه لم يقبل وظيفاً عرض عليه في عمره غير تكليفه بمكتبة القرويين، ومن أكبر ما يحمله على الأسفار واتباع الرحلات تطلب الكتب.
6 - جهوده الإصلاحية ومباديه وآماله:
كان سيدنا الأستاذ المترجم بعد رجوعه من الشرق عام1323 أول من فكر في وجوب إصلاح حالة البلاد إدارياً وعلمياً واقتصادياً وسياسياً، ولذلك لما قام المولى عبد الحفيظ باسم الدين والإصلاح كان هو أول من شايعه وتشيع له، وكاتبه من فاس وألف رسالته المعروفة بالمفاكهة التي طبعت مراراً وترجمت لعدة لغات، وكانت من أقوى الأسباب في نداء الشعب المغربي به سلطاناً على البلاد، وقد انتقد في مفاكهته المذكورة دوائر أبواب الحكومة كلها من حربية وخارجية وداخلية وغيرها. فهو أول مغربي خط قلمه وتجاسر وتجاهر بوجوب الإصلاح الإداري في البلاد وانتقد سلوكها وكتب في الموضوع عدة لوائح تخرج في مجلدات.
ولما استقر المولى المذكور على أريكة الملك لم يظهر بكل ما كان يؤمله منه فعلم أن البرق خلب والسحابة صيفية، ومع ذلك لم ييأس فأعاد للسلطان المذكور كتب لائحة إصلاحية أنذره فيها بما آلت إليه الحالة بعد، فصادف منه الأذن الصماء.
وما زال الأستاذ يعالج من الزمان وطوارقه حتى جرت محنتهم المشهورة