يملأ عينه هناك.
وقد كان المترجم نافراً من عصريه المنلا إبراهيم الكوراني، منفراً مما كان يراه شاذاً فيه، كالكلام في مسألة الكسب حسبما وقفت على رسالة بخط أبي عليّ اليوسي كتبها للقادرين بفاس في ذلك، لكن الشذوذ الفكري عن المتعارف في بعض المسائل لا يوجب الغض من كرامة الرجل وعلمه المستفيض الذي طبق الأرض إذ ذاك، فأبو سالم العياشي والتجموعتي ورفقاؤهما من الفاسيين كانوا أسعد حظاً بالكوراني وأفطن لبعد مداركه من المترجم.
وقد وجدت الأديب الجيلالي الاسحاقي ذكر في رحلته الحجازية قال: أخبرني بعض أصحابنا أنه سمع شيخنا أبا عليّ الحسن بن مسعود اليوسي بعد ما رجع من حجته يقول: " ما بقي بالبلاد المشرقية من تشد له الرحال في طلب العلم "، اه. ثم وجدت في رحلة ولد أبي عليّ اليوسي، وهو أبو عبد الله محمد المرافق له في حجته تلك ما نصه: " ما كنا نسمعه قبل مشاهدتنا وحضورنا هذه البلدة من إفشاء العلم والحث عليه وكثرة العلماء وتعاطي الفنون ومداولتها لم نر شيئاً من ذلك، إما لدثوره وانقراضه بموت أهله، وإما من مجازفة المارين بهذه البلاد وهذرهم وافتخارهم بذلك بكونهم لقوا أهل العلم والصلاح، وقد قيل حدث عن البحر ولا حرج، وحدث عن مصر ولا حرج "، اه. ولعل اليوسي وولده ما عرفا إلا من أتى إليهما فلم يقصدا أحداً، لذلك عميت عنهم مقامات رجال ذلك الدور، وهذا شأن الكثير من أهل المغرب إلى الآن، وحتى الآن استقر في طباعهم الاكتفاء بالقليل الذي عندهم. كما أني لم أر مستجيزاً من اليوسي في ذلك الدور إلا ما ندر، كالخرشي، فقد ذكر ولد المترجم في رحلة أبيه الحجازية وهي عندي بخطه انه استجاز من والده كما ذكر أن بطرابلس استجاز من المترجم الفقيه الشمس محمد بن