ومن هنا تطرح المدرسة المقالية التي ينتمي إليها طه حسين، افتراضًا يذهب إلى أنها وضعت المقال الصحفي على بداية مرحلة جديدة من لقاء الأصالة والمعاصرة، تتمثَّلُ التيارين القديم برافديه الفرعوني والعربي، والحديث الوافد من الغرب، ولعل صفة البقاء والاستمرار التي قرنها "توينبي" بعملية "التغيير والتجديد" كما تَقَدَّمَ، هي في الحقيقة أكثر اقترانًا بعناصر الأصالة وعناصر التجديد من خلال وحدة الشعور التي وسمت البيئة المصرية. وفي ذلك ما يشير إلى عمق العوامل النفسية التي وجَّهَت مقال طه حسين، حيث برهنت مصر طوال تاريخها على قدرةٍ فذةٍ على الاستجابة، وهذا هو السر في بقائها واستمرارها وتجددها، إلّا أنَّها في استجابتها شأنها في ذلك شأن الأمم العريقة لا تخلو من حوافز المقاومة المرنة، وهي ما تضفي على الاستجابة تلك الحيوية التي تتمثَّل فيها الجديد وتصهره في قديمها ليكون النتاج قوةً جديدةً تدفع بها إلى الأمام.