باسم "الكاتب المصري"؛ لأن هذه المجلة -كما يقول طه حسين- تستمد "برنامجها وخطتها وسيرتها من تاريخ مصر القديم والحديث، وعن المهمة التي نهضت بها مصر منذ شاركت في الحضارة الإنسانية العامة"1, ولذلك يتوسَّل طه حسين بهذه المجلة الفكرية في تحقيق "صلة ثقافية بأدق معاني هذه الكلمة وأرفعها بين الشعوب العربية أولًا, وبين هذه الشعوب وأمم الغرب ثانيًا"2.
فهذه المجلة الفكرية تُحَدِّدُ مفهوم طه حسين للثبات والاستقرار، والنمو والتطور والارتقاء، في تأصيل الشخصية المصرية, وهو المفهوم الذي ذهب بمجلته إلى أن تحرص أشدَّ الحرص على العناية بهذين المقومين للأدب العربي, فتعنى بقديم هذا الأدب وتدرس تاريخه وتكشف أسراره وتحيي آثاره, وتعنى بالأدب الحديث الذي ينتجه الممتازون من كُتَّابِ الشرق العربي تذيعه وتدرسه وتنقده وتشجعه وتجعله غذاء لعقول العرب وقلوبهم وأذواقهم، وتهيئه لعقول غير العرب من أبناء الأمم الأخرى المتحضرة؛ بحيث يمكن أن ينتقل إلى اللغات الأوربية المختلفة3". ولذلك عُنِيَت "الكاتب المصري" بالآداب الأجنبية تُعَرِّفُها إلى القرَّاء بالدرس والنقد والتحليل، واتفقت مع "طائفةٍ من كبار الكُتَّاب العالميين بأن يوافوها بمقالاتهم ودراساتهم؛ بحيث تُكْتَب خصيصًا لها، وتنشر في اللغة العربية قبل نشرها بأي لغة أخرى"4. كذلك حاولت "الكاتب المصري" أن "ترفع الأدب عن هذه الخصومات التي تثيرها منافع الحياة العاجلة بين الناس"5.
ومن ذلك يبين أن طه حسين في بيئة المقال الصحفي في مصر، على الرغم من عمله في الجامعة لم يقتصر على المشاركة الصحفية أثناء فترات الابتعاد عنها, ولكنَّه ظلَّ يسهم في البيئة الصحفية عن قربٍ في أحيان كثيرة، وعن بُعْدٍ في أحيان قليلة، فكتب في "البلاغ" و"الجهاد" و"المصري" في الفترات التي لم يكن يشتغل بالصحافة فيها اشتغالًا منظمًا، وبعد ثورة 1952 يكتب في "الأهرام" و"الجمهورية" التي تولَّى رئاسة تحريرها في 16 أكتوبر 1959, فلم ينقطع عن الكتابة الصحفية إلّا حين أعجزه المرض قبل وفاته بفترة, فهو كما يقول: "لا يعفي نفسه من بعض الالتزام إلّا ليفرض عليها التزامًا آخر, ولا يفرغ من عمل إلّا ليدخل في عمل آخر"6.
ونخلص مما تَقَدَّمَ إلى أن طه حسين في بيئة المقال الصحفي، كاتب من