القلب" بأستاذه أوثق من علاقة "الابن من الصلب بأبيه"، يهدي "حديث الأربعاء" إلى "الأستاذ الصديق أحمد لطفي السيد، تجلَّة تلميذ وتحية صديق"1, ولعل في ذلك تلخيصًا مكثفًا لعلاقة طه حسين بلطفي السيد.

التوجيه الفكري في صلة طه حسين بلطفي السيد:

أما جانب التوجيه الفكري في هذه الصلة، فإن آثاره ستبين بوضوح عندما نتحدث عن موقفه من البيئة العامة للمقال الصحفي، واتصاله "بالجريدة" التي تعددت على صفحاتها ألوان نتاجه الفكري والصحفي في مرحلة التكوين, وأغلب الظن أن لطفي السيد هو الذي رشَّحَ طه حسين للعمل في صحيفة السياسة مع زميله في مدرسة الجريدة: الدكتور محمد حسين هيكل، وهي صحيفة حزب الأحرار الدستوريين، لينهض تلامذته بدفع رسالته الصحفية والسياسية والاستمرار بها في الحياة العامة.

ويشخِّصُ طه حسين هذا الجانب الفكري الذي تمثِّلُه من فلسفة لطفي السيد في هذه الخصال2:

الأولى: أنها فلسفة تجديد وإصلاح، لا يقومان على هدم القديم، بل يقومان على تنقيته وتصفيته وتقويته وإزالة ما فيه من أسباب الانحلال والضعف.

الثانية: إنها فلسفة حرية وصراحة، ولكن بأوسع معاني الحرية والصراحة العقلية.

الثالثة: إنها فلسفة ذوق وقصدٍ في اللفظ والمعنى والسيرة معًا.

الرابعة: إنها فلسفة كرامة وعزة واعتراف بالشخصية الإنسانية, وحمل الناس على أن يعترفوا بهذه الشخصية.

ويبين تمثل طه حسين وزملائه من تلاميذ لطفي السيد وأصفيائه، من أخذهم "بحظهم من هذه الخصال، فهم مصلحون ودعاة إلى التجديد؛ وهم أحرار ودعاة إلى الحرية, وهم محبُّون للذوق حين يفكرون وحين يعملون، وهم أباة حريصون على الكرامة الفردية والاجتماعية, لهم لونٌ خاصٌّ يمتازون به ويعرفون بين الطبقات المختلفة والأصناف المتباينة من الناس، يتخذهم خصومهم أحيانًا هزؤًا وسخرية، ولكنهم على ذلك كله يقدرونهم ويتأثرون خطاهم ويحسدونهم على ما يسخرون منهم من أجله3".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015