متحركة، نخطئ إذا قلنا أن لها بداية معينة ونهاية معينة؛ لأنها تسري في المجتمع سريان الدورة الدموية في جسم الإنسان.
ومن ذلك يتضح أن دراسة "الرسالة" في الاتصال الجماهيري عند طه حسين، تعني: دراسة "المادة والشكل"، أما "المادة" فتدل على "قوالب البناء" الحسية التي يتركَّبُ منها العمل -من أصوات وألفاظ.. إلخ. وفي العمل ترتب هذه القوالب وتنظمٌ على نحو معين -هو الشكل. غير أن العمل "الرسالة" أكثر من مجرَّد ترتيب لعناصر مادية, فعندما ندركه جماليًّا، نجده ينطوي على انفعالات وصور وأفكار، وهناك عنصر آخر يوجد في بعض الأعمال الفنية وإن لم يكن في كلها, وقد أسماه "جيروم ستولنتيز"1 بموضوع العمل الفني "Subject Matter", أي: الموضوعات والحوادث التي تصوّر في الفن التمثيلي كالدراما والتصوير التقليدي.
على أن دراسة التركيب الفني في الرسالة الاتصالية عند طه حسين، تنظر إلى الرسالة أو العمل الفني كوحدة، لا يمكن أن تفهم نظريًّا أو تتذوَّق جماليًّا إلّا على هذا الأساس, وإذا كان العمل الفني شديد التعقيد، فإننا نحاول في دراسته عند طه حسين أن نحلل تعقده إلى أجزائه المكوِّنة له، من خلال استقراء علمي للآثار الاتصالية في صحافته كوسيلة للاتصال الجماهيري، ولذلك اتجهنا إلى دراسة عناصر الأصالة ومظاهر التجديد للتعرُّف على صياغة تجربته الاتصالية المستمرة في مراحل تطوره الصحفي، فعرضنا لتنوع فنونه المقالية في الاتصال بالجماهير.