أو بمحررها؛ فمنهم مَنْ كان وثيق الصلة به كمحمد حسين هيكل, ومنهم مَنْ اتصل به فلمس فيه محررها نبوغًا يمكن أن يثمر وينمو كطه حسين، ومنهم مَنْ كان اتصاله بالجريدة عن طريق العمل كعبد القادر حمزة وعبد الرحمن شكري، فقد كانا محررين بها، أو عن طريق مراسلتها كسلامة موسى ومحمد توفيق دياب اللذين كانا يكاتبانها من لندن، ومنهم مَنْ وقف اتصاله بالجريدة وبمحررها عند الكتابة لها والتردد على ندوتها وهم كثير منهم: مصطفى صادق الرافعي, وماري زيادة المعروفة بميّ، ومنهم مَنْ كان مرتبطًا بها بحكم الصلة العائلية التي تربطه بأعضاء حزب الأمة؛ كمصطفى عبد الرازق، إلّا أنهم جميعًا مِمَّنْ تأثروا باتجاهات لطفي السيد التجديدية ومذهبه الفكريِّ بنوع خاصٍّ, فكانوا جميعًا من دعاة التوفيق بين الحضارتين والثقافتين، وكانوا جميعًا من المتحمِّسين بدرجات متفاوتة لحركة تحرير المرأة وتعليمها، واعتنق كثير منهم الدعوة إلى المصرية في الفكر والأدب والفن، وأخذ آخرون بدعوته إلى تجديد اللغة العربية1.

على أن مدرسة "الجريدة" الفكرية تتسم بسمتين بارزتين، هما: سمة التجديد وسمة التعقيل والترشيد, مصبوغتين بصبغة الحرية، التي جعلها لطفي السيد قاعدةً لكل إنتاجٍ فكريٍّ ولكل إصلاح عام ولكل علاقة بين الفرد والمجتمع وبين الفرد والحكومة, واستقام له مذهب دعاه "مذهب الحريين" أو مذهب "الأحرار"3 في إطار من التجديد والترشيد، بحيث تخضع الدعوة إلى هذا المذهب, وإلى القومية المصرية لهُدَى المنطق والعقل على ضوء المنفعة الذاتية لمصر وحدها، وهو الأثر الذي تركته البيئة المصرية في مدرسته، وصبغ دعوته، ذلك أنه يستَمد أصوله من فهمه العميق لتاريخ بلاده وتقاليدها وعاداتها وإحساسه بمصريته إحساس الفلاح الذي عانى من جَوْرِ الترك، وإحساس المثقَّف الذي عرف عيوب قومه فعمل على إصلاحها, وأدرك محاسن الحضارة الأوربية فدعا إليها, وآمن بالتطور الوئيد وكره الانقلاب المفاجئ، مدركًا ما كان لفشل الثورة العرابية من تأثير على تفكير جيله1. كما نجد هذا التأثير في فكر الأستاذ الإمام وإيثاره خُطَّةَ تعليم الأمة على الخُطَّةِ السياسية في تحقيق الاستقلال4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015