ملحق رقم "7": المقال الأول للدكتور طه حسين في صحيفة "كوكب الشرق" الوفدية عهد 1
أعترف بأني لا أهاب شيئًا كما أهاب رضا الناس عني, ولا أشفق من شيء كما أشفق من حسن ظنهم بي. فأنا شهد الله قَلَّما أرضى عن نفسي أو أحسن الظن بها، وما أذكر أني كتبت شيئًا أو أتيت شيئًا من الأمر إلّا وأنا مؤمن بأنه دون ما كان ينبغي أن أكتب، ودون ما ينبغي أن يرضى هؤلاء الأصدقاء الذين أعرفهم, والذين لا أعرفهم, والذين يتفضلون علي فيرضون عني, ويحسنون الرأي في, وأعجز أنا عن تصديق هذا الرأي وتصويب هذا الرضى.
كذلك كنت منذ بدأت أكتب, ومنذ بدأت في أن أنهض بشيء من أعباء الحياة العامة، ويظهر أني سأظل كذلك أبدًا. فقد جاوزت من أطوار الحياة هذا الطور الذي يستطيع الناس أن يغيروا فيه آراءهم في أنفسهم, ويحسنوا بها الظنَّ, وينتظروا لها النموَّ والرقي والتقدم نحو الكمال.
لذلك لا أدري كيف ألقى هؤلاء الأصدقاء الذين عرفوا أني سأكتب في "الكوكب", فأحبوا ذلك ورضوا عنه, وغلا بعضهم فاغتبط به وابتهج له. نعم ولا أدري كيف ألقى هؤلاء الذين تفضلوا فدعوني إلى الكتابة في الكوكب وألحوا عليَّ في ذلك إلحاحًا ملؤه المودة والبر والرغبة في الخير لي وللقراء مما سأكتبه.
نعم لا أدري كيف ألقى أولئك وهؤلاء؛ لأني شديد الإشفاق من العجز عن تصديق أولئك وهؤلاء, وتحقيق القليل أو الكثير مما ينتظرون. ومع ذلك فقد أجبت شاكرًا دعوة الداعين, وقبلت مغتبطًا رضى الراضين، وأقبلت إلى أولئك وهؤلاء وأنا واثق مطمئِنٌّ إلى أني إن لم أبلغ ما يأملون في، ويرجون مني فلن أقصر عن الإخلاص الذي ليس فوقه إخلاص، ولن أفتر عن النصح الذي ليس بعده نصح، ولن أضنَّ بقوة أملكها أو جهد أقدر عليه، وإنما أبذل هذا كله صادق