حين مُلِحَّةً عنيفةً، وتوشك أن تنتهي إلى فتحه؛ لأن الشاعر القديم لم يكذب حين قال:
أخلق لذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجأ
"والحوادث والأحداث محتاجة إلى أزمة وزارية ملحة فيها، وهي ظافرة بها من غير شك، ولعل ظفرها أن يكون قريبًا, أقرب مما يظن المسلطون على مصر في هذه الأيام. فلا أريد إذن أن أتحدث إليك عن الأزمة الاقتصادية، ولا عن الأزمة الوزارية، لأني لا أريد أن أحزنك، ولأني لا أريد أن أعلِّلُكَ بالأماني والآمال, وإنما أريد أن أحدثك عن الأزمة البرلمانية، لأني أريد أن ألهيك بعض التلهية، وأسليك بعض التسلية، وأصرفك بعض الوقت عَمَّا أنت فيه من التفكير في السياسة والاقتصاد1" ... إلخ.
2- وسيلة التناقض، وعرض وجهة النظر المضادة أو المتناقضة، أو رأي مؤيد لهذه الوجهة المضادة: والاستيثاق من أضعف الجوانب في هذه الوجهة، ثم ما يلبث طه حسين أن يأخذ بتلابيب هذا الجانب ويظل في تحليله, ومجاراة منطقة في اشتقاق النتائج حتى يظهر كل ما يحمله هذا العنصر من الضعف من الحاجة إلى التقويم, ومن ذلك في "حديث المساء" مقال بعنوان: "جهاد ... 2" يقول فيه:
"جهاد علمائنا في سبيل الله معروف، وذَوْدُ علمائنا عن حقِّ الله معروف، وبلاء علمائنا في ذات الله لا غبار عليه؛ وآية ذلك أن كلمة الإسلام هي العليا، لا في مصر وحدها، ولا في الشرق الإسلامي وحده، بل في البلاد التي تسود فيها الديانات الأخرى أيضًا.
"لا يستطيع أحد أن يعرض للإسلام بسوء، فهو إن قال في الإسلام ما لا يحب المسلمون نهض له علماء الإسلام من أهل الأزهر، فما زالوا به يحاجونه ويجادلونه ويناضلونه، حتى يلزموه الحجة، ويفحموه ويضطروه إلى الإذعان وإلقاء السلاح. ومن عَرَّضَ للإسلام بعمل قليل أو كثير ينافي أصوله، أو يناقض قواعده، نهض له العلماء من أهل الأزهر، فردوه ردًّا، وصدوه صدًّا، واستعدوا عليه سلطان الدولة، وأجلبوا عليه خيل الدولة ورجلها، حتى يتوب ويثوب، أو ينزل به ما هو أهلٌ له من العقاب"3. ويستمر بهذا المنطق الساخر في تبيان تناقض مواقف رجال الأزهر مع الرسالة التي ينبغي أن يقوموا بها في أثناء الوزارة الصدقية: