سياسي له قيمته وخطره، فالظاهر أن المندوب السامي قد ذهب إلى لندرة ليقنع حكومته بمعونة مصر في أن تدفع ذهبًا".
ومن ذلك يبين أن صدر المقال يركِّز على حدث سياسي معين، يتخذ منه موضوع مقاله الصحفي، ثم يناقشه على النحو الذي تحدثنا عنه فيما تقدَّم، مناقشة استقرائية يخلص منها إلى دلالة عامة في خلاصة المقال, وبوسعنا أن نسمي صدر المقال تأسيسًا على ذلك "بوحدة الإعلام" في بنية المقال الصحفي.
ثانيًا: التعريف بالموضوع
ويمثّل هذا الجزء من المقال الصحفي العروة الوثقى التي يصل بها طه حسين مقدمة الموضوع بصلبه، والتمهيد لقارئه، حتى يستمرَّ في قراءة التفاصيل التي تؤيد فكرة الموضوع بعد ذلك، والآراء التي يوحي بها النبأ الأساسي, وفي بعض الأحيان يشرح المقال الصحفي الأسباب التي تولدت عنها هذه الآراء. وبوسعنا أن نسمي هذا الجزء بوحدة "رد الفعل" في المقال الصحفي التي تمهد للوحدة الثالثة, وهي الوحدة المحورية أو "وحدة المناقشة".
ويتوسَّل طه حسين في بناء هذه الوحدة: وحدة رد الفعل، بوسيلتين:
1- وسيلة الضرب المتكرر على وتَرِ الاهتمام عن طريق التعبير المتنوع غير الممل:
وقد سبق أن تعرَّفْنَا على خاصية التكرار في أسلوب طه حسين، واستخدامها استخدامًا وظيفيًّا يخدم وظائف المقال الصحفي، على أن من مظاهر هذا الاستخدام الوظيفي كذلك أن وحدة رد الفعل في مقاله، تتجه في معظم الأحوال إلى التأكيد من خلال أسلوب مشوِّق على الفكرة المحورية التي يهتم بها المقال، ومن أمثلة ذلك التكرار الوظيفي في مقال بعنوان: "أزمة2" بقوله:
"ليست هي الأزمة الاقتصادية, فالناس جميعًا يلقون من شرِّها ونكرها ما يطاق وما لا يطاق، والناس جميعًا يتحدثون عنها بالمعقول وغير المعقول، والناس جميعًا يتمنَّون لها حلًّا, ويعجزون عن هذا الحل، لأن الذين إليهم الأمر لا يعملون ولا يخلون بين غيرهم وبين العمل.
"وليست هي الأزمة الوزارية, فقد فتح باب هذه الأزمة مرات ثم أغلق، وانتهى الأمر إلى ما عرفت من ترقيع إِثْرَ ترقيع. وما زال باب الأزمة الوزارية مغلقًا منذ الترقيع الأخير، وإن كانت الحوادث والأحداث تقرع هذا الباب منذ