ويواصل في القسم الثاني من المقال تقديم شواهده، مع إسنادها إلى رواتها من الصحف أو المسئولين من خلال طريقته الصحفية:
"زعمت المقطم أن ناحية مسئولة في مصر تحدَّثت إلى زوير مصر في لندرة بالتليفون، وزعمت البلاغ أن وزير مصر المفوَّض في لندرة أنبأ مكابتها بأن هذا الحديث قد كان، وزعم رئيس الوزراء بعد أيام أن هذا الحديث لم يكن، فهناك طائر قبيح الشكل، بشع المنظر، فج الصوت، يتردد بين إدارة المقطم، وإدارة البلاغ, والمفوضية المصرية في لندرة, ومكتب رئيس الوزراء، واسم هذا الطائر قبيح لا يدل على صدق ولا نصح ولا حب للحق. وهو لا يدري أين يقع من هذه الأماكن التي يتردد بينها، وهو لا يهدأ ولا يستريح حتى يعرف له مستقَرًّا يستقر فيه, ووكرًا يؤي إليه، وهو سيفسد الجو بصيحاته المنكرة، وريحه المؤذية، حتى يصرف عن هذا الجو، ويُرَدَّ إلى وكره بعيدًا عن الأسماع والأحياء وإلا نعرف ... "! 1.
ثم ينتقل إلى تصوير الطائر الآخر، والذي يظهر في مقاله: "قبيح الشكل، بشع المنظر، لا يدل اسمه على الصدق والنصح وحب الحق، وهو يتردد بين الأهرام ومكتب رئيس الوزراء، وهو لا يدري أين يستقر، وسيظل مفسدًا للجو، مؤذيًا حتى يُرَدَّ إلى وكر يستخفي فيه.
"وهناك طائر آخر ليس أقل من هذا الطائر شرًّا ولا نكرًا، ولا يدل اسمه على أمانة في الحديث، ولا على حفظ للغيب, ولا على كتمان للسرِّ، وهو يتردد بين مكاتب الوزراء لا يدري إلى أيها يأوي, ولا على أيها يقع، وسيظل مفسدًا للجو مؤذيًا للنفوس، حتى يصرف شره عن الناس. ثم هناك طائر آخر مروع مخيف، ليس بشعًا كل البشاعة، ولا قبيحًا كل القبح، ولكنه مزاج من الأمرين، فيه استنكار الشر، واستبشاع الكذب، وإفشاء الأسرار، وفيه التماس الخير، واستقصاء الحق، والحرص على الأمانة، وحفظ الغيب، وهذا الطائر كان يقظًا كالنائم, نشيطًا كالهادئ، متحركًا كالساكن، فلمَّا صاحت تلك الطير المنكرة صيحتها المتصلة، اندفع من البقعة والنشاط في شيء عظيم، فهو يطير في كل جو، ويقف عند كل مجلس، ويسمع لكل حديث, ويتلقط كل نبأ، ويأبى على الناس أن يطمئنوا أويستريحوا، حتى يعلموا أيهما قال الحق في أمر الحديث التليفوني، أهو رئيس الوزراء؟ فيجب إذن أن يسأل وزير مصر في لندرة، كيف قال عن رئيس الوزراء غير الحق، وكيف تحدَّث بما لم يكن؟!
أهو وزير مصر في نلدرة؟ فيجب إذن أن يسأل رئيس الوزراء كيف استباح لنفسه أن يكذِّب وزيرًا يمثل كرامة مصر وجلالها في بلد أجنبي هو