ويبين مما تَقَدَّمَ، تمثُّل طه حسين للسخرية المصرية في دلالتها العملية الواقعية الوظيفية، الأمر الذي يشير إلى تمتُّعه بما يسعى الإحساس الساخر في تحرير المقال، الذي يمكننا من أن نرى الشيء في كافة مظاهره "والتناقص بين بعض هذه المظاهر، الذي يكسبها دلالتها"1.
وعلى الرغم من أن المقال الكاريكاتيري يشتق موضوعه ونماذجه من الحياة الواقعة، فإنه يستهدف "الكلي" أو "العام" في النمذجة الصحفية الكاريكاتيرية, ولذلك وجدنا مقالات طه حسين تحمل "اسم معنى" كما في "مغضب"2, و"سيارة"3, و"طير"4، و"خطبة"5، و"حصار"6, و"درس"7, و"غرابيل"8, و"فيئوم"6, و"عدوان"10, و"إضراب"11, و"جنون"12, و"أزياء"13. ويعني ذلك مما يشير إلى نمذجة المضمون الواقعي للمقال في عنوان واحد، يقوم على الملاحظة الخارجية وربط النتيجة الخارجية المستقاة من الواقع الملموس بأسباب داخلية عميقة، وتفنن المقال الكاريكاتيري في تصنيف الحركات المتشابهة لنماذجه ونقائصها المتكررة، وهو لذلك قد يعمد إلى منهج التجريد والتعيم الذي يلتجئ إليه عالم الطبيعة في استقرائه للحوادث، فيجمع المثالب السياسية أو الاجتماعية المتشابهة تحت عنوان واحد، ويدرج العيوب الأخلاقية أو الاجتماعية أو السياسية تحت "نوع مشترك" يشير إليه عنوان المقال، الذي يتخذ كلمة واحدة بصفة عامة عند طه حسين، والذي يشير إلى روح الانتقاد الكامنة لديه، والاتجاه نحو الغير في نمذجته الكاريكاتيرية.