الوفاء"1، كما خاصم توفيق الحكيم أو خاصمه توفيق الحكيم2: "وسله إن شئت عَمَّا تركت هذه الخصومة في نفسه, ولا تسلني أنا عَمَّا تركت هذه الخصومة في نفسي، فكل الناس يعرف أن الخصومة بين الناس وبيني مهما تشتد, فهي أهون شأنًا وأقل خطرًا من أن تترك في نفسي أثرًا".
وتفرض هذه القواعد الأخلاقية على النزال أن يقضي كاتبه فيما يقضي فيه بعلم، وأن يحكم فيما يقدر على الحكم فيه"3، ويذهب طه حسين إلى أن القواعد هي التي جعلت كُتَّاب المقال النزالي في صحافتنا "بنَّائين، فهم لم يكونوا هدامين حين اختصموا"4، ذلك أن الخصومة في نهاية الأمر "قوام الحياة"5.
على أن هذه القواعد النزالية، لم تشمل النزال الأدبي فحسب، وإنما تخطته بالتجاوز لتشمل النزال الصحفي عامة، في الأدب والسياسة والاجتماع والاقتصاد، وغيرها من ميادين النزال، وهي القواعد التي تمثَّلت في "دستور للنزال" تمثلته المدرسة الحديثة بصفة عامة, ومدرسة "السياسة" بصفة خاصة، ويتلخص هذا الدستور النزالي، كما يقول طه حسين في: "أن تفرغ الصحيفة للمسائل ذات الخطر التي يُعنى بها الناس في هذه الأيام -أي وقت صدروها- والتي قد تفيد الكتابة فيها بعض الشيء"6، وهو لذلك ينكر على "السياسة" أن تكتب فيها "لا يستوجب كل هذه الجهود"7، فرب واحد جيد يكفي "لإذاعة ما تريد السياسة أن تذيع من المناقشة والجدال"8، وتأسيسًا على هذا الفهم ينكر على "السياسة" أن تنشر فصلًا لكاتب "فيما يظهر لا يملك نفسه, كما ينبغي للذين يريدون أن يخوضوا في غمار الكتابة في السياسة، ويصنفوا بنوع خاص آراء الأحرار الدستوريين، الذين عرفناهم في قديم الزمان، لا يحبون همزًا ولا غمزًا، ولا يؤثرون شتمًا ولا سبًّا، موقوفًا على الهمز واللمز، وعلى التعريض السخيف، والتلميح الذي كنت أحب أن أجل السياسة عنه"9. ذلك أن "فن الكتابة السياسية على مذهب الأحرار الدستوريين خاصة، وعلى مذهب المثقفين عامة"10 يأبى الأسلوب الذي يتنافى مع القواعد الأخلاقية لفن النزال، وهي القواعد التي يصدر عنها طه حسين في نزاله، لذلك، فهو يؤثر الأسلوب العقلي في النزال، الذي يعصم ذهن الكاتب