في ذلك مشقَّةً تصرفهم عن الدرس العلمي"1، ويقضي هذا التنظيم بأن تتألف من ثلاثة أقسام2:

"القسم الأول: يتمرن الطلاب فيه على التحرير العربي, الذي يحتاج إليه في المصالح والدواوين, وفيه يدرسون اللغة العربية درسًا عمليًّا, ويدرسون اللغتين الإنجليزية والفرنسية درسًا عمليًّا أيضًا, يمكنهم من التخاطب والقراءة والإنشاء, ويدرسون ما لا بُدَّ من درسه من نظم الإدارة وإجراءاتها المختلفة, ثم يتثقَّفون ثقافة حسنة في تاريخ النظم الإدارية والدستورية, وفي تاريخ العلاقات السياسية الخارجية.

"والقسم الثاني: يتمرَّن الطلاب فيه على الترجمة من الإنجليزية والفرنسية إلى العربية, ومن العربية إلى هاتين اللغتين, ويتثقَّفُون فيه الثقافة التي أشار إليها في القسم الأول.

"وأما القسم الثالث: فيتمرَّن الطلاب فيه على أعمال الصحافة المختلفة؛ من تحرير وإدارة واستخبار وتوزيع, وذلك إلى تثقُّفِهم في المواد المشار إليها آنفًا, وتمرنهم على اللغتين الأجنبيتين إحداهما أو كلتيهما"3.

ويشير طه حسين في هذا الاتجاه، إلى أن فرنسا قد أخذت بمثل هذا الجمع بين الثقافة والتمرين بالقياس إلى مدرسة العلوم السياسية4. ويؤيد هذا الاتجاه بالنسبة للتأهيل الصحفي، تأسيسًا على فهمه لثقافة المشتغلين بالصحافة، وما يجب أن تكون عليه. على أن الدعوة إلى التأهيل الصحفي في مصر ترجع إلى ما نشره الدكتور محمود عزمي في "السياسة" سنة 1923, يدعو فيها هذه الدعوة، ولكنَّ هذه الدعوة بقيت سرًّا مكتومًا إلى أن كانت سنة 1932, وكان عميد كلية الآداب هو الدكتور طه حسين, وتداول مع زملائه ومنهم الدكتور هيكل، بالفكرة التي نادى بها محمود عزمي سنة 1923, واتفق الرجلان. وكان أن كتب هيكل في اليوم الثاني مقالًا طويلًا يدعو فيه إلى وجوب إنشاء مثل هذا المعهد لتهيئة بيئة صحفية صالحة للمستقبل5, وأخذت جريدة السياسة في تأييد هذه الدعوة، والمطالبة بتحقيقها، وهي الدعوة التي لم تبدأ خطواتها التنفيذية إلّا في سنة 1939 6.

ومن ذلك يبين أن ثقافة طه حسين لم تنعكس على مقاله الصحفي فحسب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015