الصحفية التي يستخدم فيها التاريخ القريب والبعيد استخدامًا وظيفيًّا يقوم على حاسَّته التاريخية العلمية. ومن ذلك مقال بعنوان: "خاتمة"1, يتحدث فيه عن "عيد" من الأعياد التي مَرَّت بالمصريين أثناء فترة النكبة الدستورية فيذكر "عيدًا شُغِلَ فيه المصريون عن لذَّةِ الحياة وعن التحية والتهنئة.."؟
"كان ذلك قبل الحرب الكبرى حين شبَّت نار الحرب بين تركيا ودول البلقان، وحين دنت جيوش البلقانيين من قسطنطينية، وعرَّضت دار الخلافة للخطر، هناك شُغِلَ المصريون عن العيد، واتصلت نفوسهم بعاصمة الخلافة، يشفقون عليها، ويتمنَّون لها النجاة، وقد استجاب الله يومئذ لهذه النفوس، فلم تقتحم جيوش العدو خطوط المسلمين, وذاق المسلمون لذَّة الحياة فيما بقي من أيام العيد..!
"أما عيدنا هذا الذي نحن فيه فقد شُغِلَ المصريون عنه شغلًا متصلًا, ومع أن الصحف لم تنقطع بل أخذت تنقل إليهم الأنباء، وتذيع فيهم الأخبار، فقد ظلوا قلقين مضطربين، تترجع نفوسهم في السماء بين اليأس والرجاء، أيّ الخصمين ينتصر في هذه الحرب الضروس التي تشب نارها، ويتلظَّى أوارها حول سمنود..! أهو الجيش الظافر! أم هو الرئيس الزائر....؟ "2.
وفي مقال آخر يلجأ إلى التاريخ القريب يستدعيه في موضوعه، ليقرن بين أمرين متشابهين كما يبين من مقال بعنوان: "استجواب"3 حيث يبدؤ بقوله:
"أظنه الاستجواب الثاني في تاريخ مجلس النواب القائم, فأما الأول فكان حول الجامعة, وكان المجلس حريصًا كل الحرص على أن يتعجَّل اليوم الذي يعرض فيه؛ لأن حياة الدولة يومئذ كانت تتعرض لخطر شديد, وقد عرض هذا الاستجواب وخرجت منه الحكومة ظافرة, وخرج منها المجلس منتصرًا، وخرجت منه الدولة آمنة في حياتها مطمئنة على مستقبلها"4.
"أما الاستجواب الثاني: فهو هذا الذي تحدَّث المجلس أمس في تحديد موعده، وهو استجواب أقلَّ ما يوصف به أنه ضئيل الخطر, يدل على فراغ البال والعناية بصغائر الأمور، فهو يدور حول جبل الأولياء وأي شيء يكون جبل الأولياء"5.