المقال الرئيسي الافتتاحي

مدخل

...

المقال الرئيسي الافتتاحي:

ويُعْتَبَرُ هذا الفن من أهم فنون المقال الصحفي؛ لاعتماده في الشرح والتفسير والإيضاح على الحجج والبراهين, والإحصاءات والبيانات للوصول في نهاية الأمر إلى إقناع القارئ وكسب تأييده1. ذلك أن هذا المقال في مدلوله الاصطلاحي Leading صلى الله عليه وسلمrticle يقود غيره من المقالات ويتقدمها من حيث

تعبيره عن رأي الصحيفة كمؤسسة, ومن حيث تناوله لأهم الموضوعات بالقياس إلى سياستها التحريرية، ومن حيث المساحة الثابتة الممنوحة له, ولذلك فإن المقال الافتتاحي كثيرًا ما يكون غفلًا من التوقيع.

غير أن اتجاه هذا المقال إلى التعبير "اللا شخصي ليس معناه الجفاف في التعبير، أو الجفاء في موقف الكاتب من القارئ، إذ أن خاصية التبسيط في الحديث والإيناس في السرد لا تزال أهم مميزات فن المقال الصحفي2, وهي المميزات التي يتسم بها مقال طه حسين في الصحافة المصرية، حتى "ليشعر القارئ للمقال من مقالاته أنه إنما يجلس إلى صديق من أصدقائه، ويستمع إلى بعض إخوانه، ويدور معه في شجون من الحديث لا يحب أن يصل إلى نهايتها3. وهي المميزات التي تجعل من مقاله الصحفي مقالًا يقوم على "روح المشاركة", وهي روح الديمقراطية الحقة التي تفرض المساواة بين الجميع، ومن هنا كان هذا الفن المقالي عند طه حسين يتَّسم بالهدوء والابتعاد عن الاستعلاء أو الخطابة. ذلك أن المقال الافتتاحي يهدف إلى الإقناع لا مجرَّد الاستمالة العاطفية؛ فالشواهد والأدلة والبراهين، سواء بالنصوص أو الإحصاءات أو المقارنات, ضرورة لازمة للتعليق على الأخبار والماجريات. وكثيرًا ما يكون المقال الافتتاحي بمثابة تعليق على الأخبار والأحداث الجارية، مع الاستشهاد بطبيعة الحال -بأمثلة تاريخية وتقارير إخبارية، ولذلك فإن كاتب المقال الافتتاحي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الأرشيف الصحفي، وعلى مذكراته الخاصة، بالإضافة إلى ذاكرته القوية4. ولذلك نجد كاتب المقال الافتتاحي -في نهاية الأمر، رغم عدم توقيعه باسمه معروفًا لدى جمهور القراء الذين تآلفوا مع أسلوبه, وتعودوا على فتح الصحيفة في صفحة معينة لقراءة ما يكتبه كاتبهم المفصل البسيط الأسلوب, والمقنع في حجته5.

ومن أجل ذلك وجدنا الصحف العالمية تسجِّل على كل صفحة من صفحاتها، ما عدا واحدة, ما يجري في العالم الواسع من أحداث, وما يدور فيه من أفكار وآراء, وتستبقي صفحة واحدة فقط، وفي بعض الأحيان عمودًا واحدًا فحسب، لتجهر بآرائها هي وأفكارها. فحق الصحيفة في الإعراب عن رأيها في الأنباء التي تنشرها أمر طبيعي جدًّا؛ فالنبأ والرأي رفيقان يظهران جنبًا إلى جنب. ذلك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015