جـ- استخدام القالب القصصي للمقال استخدامًا وظيفيًّا في تصوير النماذج الصحفية، وتحقيق أغراض "النقد في سرعة وخِفَّةٍ ودقة وإيجاز"1. كما يتيح له هذا القالب تبسيط الرمز وتوضيحه، على النحو الذي يبين من المقال المتقدم، حين "ترفع الفتاة كتفيها, وتبتسم عن ثغرٍ جميل وتقول ساخرة: تريد أن تعرف اسمي فاسمي هو "العدالة الاجتماعية"2 على نحو ما نعرف في "لحظة التنوير" في القالب القصصي القصير.
ونخلص مما تَقَدَّمَ إلى أن هذا المقال الرمزي في صحافة طه حسين ثمرة من ثمار صحافته، يتمثَّل عناصر الأصالة والتجديد، تمثلًا وظيفيًّا في النقد والتوجيه، ذلك أن.. الله لم يخلق الأشياء عبثًا, وإنما جعل فيها لنا منافع، ودعانا إلى أن نعتَبِرَ بكل ما خُلِقَ من الحي والميت, وأن نلتمس فيه الموعظة التي تبصِّرُ القلوب, والحكمة التي تهدي العقول"3 ومن ذلك تبينُ الرؤيا الوظيفية الهادفة وراء المقال الرمزي في صحافة طه حسين، والذى تُشْتَقُ موضعاته من حياة المجتمع، يفسرها ويعلق عليها ويناقشها من خلال النمذجة الرمزية، بحيث يكشف هذا الفن المقالي عند طه حسين عن تقدير للحاجة النفسية والاجتماعية والسياسية عند قرائه وجمهور مجتمعه، تقديرًا يشعرها بضرورة التركيز عليها، من خلال علم ودراية واسعتين بالناس وبالحياة وبالمشاكل التي تعرض لهم في وقت من الأوقات.