يتوسَّل بالنمذجة الرمزية، نحاول أن نستخلص عناصرها في إيجاز شديد:

أ- اعتماد النمذجة الرمزية على الحركة والتفصيل والتنغيم والمقابلة والتضاد، اعتمادًا وظيفيًّا هادفًا، كما نجد في نموذج "الثعلب" قوله:

"إن الأحزاب المصرية كلها عنه راضية, وبه معجبة, وإليه محتاجة, ولكنه فَقَدَ من خصال الثعلب خصلة واحدة, هي التي حملتك يا سيدتي على أن تضحي منه حين رأيته يقبل كأنه البرمة الضخمة, وحين رأيته يجلس فينهال كما ينهال الكثيب. ذلك أن الأيام أحبته حبًّا شديدًا، فأخذت لا يمر يوم منها إلا خلع عليه قميصًا من الشحم قد فُصِّلَ على قَدِّه تفصيلًا"5.

ومن ذلك يبين أن هذه الأدوات تخدم الكاريكاتير الوظيفي في السخرية المرة، فالثياب "الشحمية أخذت تتراكم وتتراكب حتى مدته إلى يمين وإلى شمال، وزادته بسطة في الجسم من خلف ومن أمام"1 كما تبين وظيفة التنقيم والحركة والتفصيل في الكاريكاتير في قوله: "أقبل فحيَّا, ثم تَقَدَّمَ يسعى حتى إذا بلغ مكانه جلس وكأنه الكثيب المنهال"2. على أن النماذج البشرية في "جنة الحيوان" رغم غرابة رموزها، تبدو مألوفة في وقت الاضطراب السياسي والاجتماعي، كما تَقَدَّمَ، لأنها "غلطة من غلطات الطبيعة, وفلتة من فلتات الدهر، ووهمٌ من أوهام الظروف"3.

ب- استخدام الجمل القصيرة السهلة الموقعة استخدامًا وظيفيًّا في النمذجة الرمزية، كما يبين من هذا الحوار الذي استهلَّ به مقال "الغانيات"4.

- "من أين أقبلت يا ابنتي!

- من حيث لا تبلغ الظنون..

- ماذا تريدين يا ابنتي؟

- أريد ما لا تقدرون..

- كيف تقولين يا ابنتي.

- أقول ما لا تصدقون!

-أسرفت في الرمز يا ابنتي.

- بل ما لكم كيف تحكمون5! "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015