ويحمله طويلًا "بين جوانحه", فلا يشعر بأنه مكتمل الصورة في ذهنه إلّا حينما يكون قد وعى ذلك واستوعبه, وحينئذ يشرع في الإملاء1. كما تكشف وثيقة هامة عن أبعاد العملية الإبداعية في مقال طه حسين2، عن التحكُّم الواعي في الشكل والمضمون على السواء، فهو يحصي ويستقصي ويصنف المعلومات في ذهنه، ثم يعود إليها كلما هَمَّ بالكتابة في موضوع من الموضعات، ويحيا في البيئات التي يصوِّرها، كما يحيا أهلها.
ثم يملي مقاله وكأنه "يملي عن محفوظ"4, أو كأنه "بحر يتدفق, وما هذا كله إلّا عن علمٍ مختَزَنٍ امتلأ به صدره ووعاه جنانه"5 فالمقال الصحفي في رؤياه "مشاركة متصلة بين الكاتب والقارئ، أو بين المنتج والمستهلك.