أسلوب وظيفي، ينتقل بالقارئ انتقالًا منهجيًّا من فكرة إلى تاليتها، على ما يقتضي المنطق، مستقصيًا جوانب الموضوع من أجل الإقناع والتبسيط والتأثير, مما يَنُمُّ عن شخصيته التي تجنح إلى التنظيم الفكري، وتأكيد الفكرة المحورية في المقال، ولعل في ذلك ما يفسِّرُ شيوع "المجموعات" أو "السلاسل" في صحافة طه حسين، وتوظيف "التكرار" و"الاستطراد" توظيفًا صحفيًّا في أسلوبه الاستقصائي، على الرغم مما يذهب إليه البلاغيون، كما ذهب الرافعي إلى انتقاد التكرار في أسلوب طه حسين، واعتبره خروجًا على أسس البلاغة: "فلا يأتي بالجملة الواحدة إلّا انتزع منها الانتزاعات المختلفة ودار بها، أو دارت به تعسفًا، وضعفًا، وإخلالًا بشروط الفصاحة وقوانين العربية"1، ويستشهد الرافعي ببعض جمل من مقال كتبه طه حسين عن "قصة المعلمين"2, كرر فيه ألفاظ "المعلمين" و"القصة" و"القضية" ست مرات لكل لفظة, يقول طه حسين:
"نعم قصة المعلمين. فللمعلمين قصة، وللمعلمين قضية, وكنا نحب ألا تكون للمعلمين قصة، وألا تكون للمعلمين قضية؛ لأننا نربأ بمقام المعلمين عن أن تكون لهم قصة أو قضية, ولكن أراد الله -ولا مَرَدَّ لما أراد الله- أن يتورَّطَ المعلمون في قصة، وأن يتورَّط المعلمون في قضية"3.
على أننا -في هذا الصدد- لا نحاول الدِّفاع عن التكرار في أسلوب طه حسين وهو "من هو إلمامًا باللغة العربية"4، ولكننا نتناول هذه الأداة في الإطار الصحفي الوظيفي للمقال، ذلك أن طه حسين يتخذه أداة في طريقة الكتابة عن وعي وعن قصد: "فليثق الذين يأخذون على التكرار أنني لن أتركه"، فالتكرار الذي قد يعيبه البلاغيون، ويعيبه الرافعي على طه حسين، أداة ضرورية وحيوية لنجاح الرسالة الإعلامية, ونقصد بذلك التكرار المتنوِّع الذي يقدِّمُ المعنى الواحد في قوالب كثيرة5, ولذلك يذهب طه حسين إلى أنه لا يحاكي بأسلوبه "أسلوبًا آخر قديمًا أو حديثًا"6, ولايتكلَّفُ هذه المحاكاة, وإنما هي "طريقتنا في التكفير وطريقتنا في الإملاء"7، وهي الطريقة التي -كما يُقَالُ تخرج عن أسس البلاغة8- تجعلنا نذهب مع الأستاذ المقدسي إلى أننا لا نجد "خروجًا عن سنن البلاغة قد أصبح بنفسه بلاغة تحتذى كهذا الأسلوب, فما