هو إلّا حديث ممتع لما يحتويه من حلاوة وروعة في التعبير والتصوير"1. فالتكرار -إذن- في مقال طه حسين تكرار وظيفي يعمد إليه طه حسين عمدًا، حتى يحقق له ما يريد من إيقاعات وأنغام ينفذ بها إلى سامعه وقارئه2، يتوسَّلُ به في المقال الصحفي للتغلُّب على "عقبات الفهم ولتحقيق يسر القراءة3. الأمر الذي يقتضي خلو الأسلوب الصحفي من ازدواجية المعنى والتورية والغموض4، والتكرار في ضوء هذا الفهم يقضي على الغموض وازدواج المعنى, وتبديد كل غموض محتمل، ويذهب "جميس مارلو" الصحفي في وكالة "أسوشتدبرس" للأنباء، في دراسة له؛ إلى أن التكرار كثيرًا ما يؤدي إلى يسر القراءة5.

وعلى ذلك, فإن التكرار في الأسلوب الصحفي عند طه حسين من مصادر قوة البلاغة الجديدة، فالعين "تسارع إلى اللفظ المعاد فتمحوه, ولكن الأذن تستطيع الترجيع, ولا سيما الأذن الطروب التي سمعت القرآن ووعته وأشربت موسيقاه طفلة, وفي القرآن لأغراض نفسية وبلاغية تكرار يعذب على الترديد. وطالما ردَّدَ طه حسين القرآن وطالما سمعه مردَّدًا"6، الأمر الذي جعل من التكرار في أسلوبه أداة بلاغية وظيفية في آنٍ واحد، لها أثرها العميق على "الأفهام والنفوس"7 وتحقيق أهداف الفن الصحفي وغاياته8، من خلال استخدامها في سياقٍ استقصائي لجوانب الموضوع وتأكيده وتحليله، فإذا عرض "لفنٍّ أو لمسألةٍ استطاع أن يتناولها من جميع وجوهها"9, كما نجد شواهد لذلك في مقالاته جميعًا، على نحو تقريبي، وكما سيجيء تفصيلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015