فن السيره (صفحة 56)

إنتاجها، غير أن الحرب قللت منها، فاتجه أكثر الميل إلى كتابة السير الذاتية، كما سيتضح في الفصل التالي، وقبل الحرب بقليل أصبح إقبال الكتاب على طريقة ستراتشي الساخرة ضعيفاً، واتجهوا إلى التصوير التقليدي مع شيء من التفسير النفسي. وكثر تقليد الطريقة الفرنسية بإكثار الحوار المتخيل وترجمة الحيوات الرومنطيقية (?) . ولم تسترجع السير الإنجليزية بعد الحرب مجدها الذي بلغته على يدي ليتون ستراتشي من قبل وإن صدر في هذه الفترة عدد كبير من السير، يتمتع كثير منها بالأصالة والأحكام.

تلك هي أبرز المعالم في السيرة الغربية الحديثة، أما في البلاد العربية فإنها لم تبلغ هذا المبلغ من التنوع والإتقان، ولكنها؟ على أي حال؟ باينت السيرة التاريخية والأخلاقية التي رأينا مظاهرها في العصور الوسطى، واتجهت في ظل النهضة الحديثة اتجاهات مقاربة لما في المغرب، فتأثرت بالدراسات النقدية للنصوص، والنظريات النفسية والبيولجية، وأصبح أكثرها أقرب إلى المظهر العلمي منه إلى المظهر الأدبي، وقلت الرغبة في تاريخ الحياة نفسها، وأصبح الحديث عن الأشخاص تأريخاً لآرائهم إن كانوا من الأدباء، أو توضيحاً لدورهم السياسي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015