رابعاً: بمناداتنا بعروبة فلسطين تحذف ببساطة قوة مليار مسلم مساعد ومعين، فهو شيء شديد الحساسية يدخل في قلوب غير العرب عندما تتحدث عن عروبتك وكأنهم مسلمون من الدرجة الثانية، نلاحظ في بلاد العالم الغربي حيث تعيش جاليات مسلمة من شتى البقاع أموراً عجباً، تجد المسلمين مقسمين إلى مجموعات منفصلة بحسب العنصر، بل وقد يتنافسون فيما بينهم تنافساً يخل بالعلاقة بينهم، بل وقد يتصارعون في هذه الغربة، تجد على سبيل المثال تجمعاً عربياً ومجموعة باكستانية ومجموعة تركية، وهكذا بحسب العرق والعنصر.
والله أذكر حديثاً مع باكستاني قال: إن في قلبه ألماً شديداً لإحساسه أن العرب ينظرون إليهم نظرة دونية، مع شدة العاطفة الإسلامية في قلوب الباكستانيين وفي قلوب الهنود وفي قلوب الأندونيسيين وفي قلوب الماليزيين، يقول: في قلوبنا عاطفة إسلامية شديدة، ويقول: ومع أنه قد خرج منا وممن حولنا من البلاد غير العربية البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه والبيهقي والغزالي والسرخسي والنيسابوري، كل هؤلاء وغيرهم كثير خرجوا من هذه البلاد غير العربية إلا أن العرب ينظرون إلينا نظرة دونية، ففي قلبه ألم شديد جداً.
ولو نظرت في صلاة الفجر فإنك تجد نسبة الحضور في صلاة الفجر في هذه البلاد الغربية أكثر من 70% أو 75% من الجاليات الباكستانية والهندية والماليزية وغير العربية بصفة عامة.
فهذه عاطفة كبيرة جداً، ونحن ببساطة حين نقول: نحن عرب ونحرر فلسطين لكونها عربية -نحذف كل هؤلاء من صف المسلمين ومن صف القوة المواجهة لإسرائيل ببساطة، بهذه الكلمة تحذف مائتي مليون أندونيسي، وتحذف مائة مليون باكستاني ومائة مليون بنغلاديشي ومائة مليون نيجيري وثمانين مليون تركي ومائة مليون هندي وغيرهم كثير.
يا أخي! وسع مداركك وانظر ماذا أراد الله لك وتبتغي غيره، انظر إلى الأمر من منظور سياسي وعسكري واقتصادي، انظر إليه من باب المصالح؛ هل من المصلحة أن تواجه إسرائيل وأنت تبلغ من العدد مائتي مليون، أم من المصلحة أن تواجهها وأنت تبلغ من العدد مليار مسلم ومائتين أو ثلاثمائة مليون؟ فرق ضخم جداً، تخيل معي بدلاً من الجامعة العربية كيان آخر اسمه الجامعة الإسلامية، كما كان يريد السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله, آخر السلاطين المحترمين في الخلافة العثمانية.
تخيل معي جامعة تكون قراراتها ليست لمجرد التنفيس عن الشعوب الإسلامية، ولكن أخذ قرارات واقعية مؤثرة تغير من مسار الشعوب تبعاً لمصلحة الشعوب، جامعة إسلامية موحدة تجمع بين طياتها طاقة بشرية هائلة وفيها تكنولوجيا ماليزيا وأندونيسيا، وفيها بترول الخليج والقوقاز، وفيها مزارع السودان والعراق، وفيها مناجم أفريقيا وفيها وصواريخ إيران، وفيها نووية باكستان ويورانيوم كازاخستان، وفيها قناة السويس وباب المندب ومضيق البسفور في تركيا.
يا أخي! اعرف إمكانيات الأمة الإسلامية، ولا داعي لعنجهية العنصر والقومية والقبلية.