الإكمال إذا لم ير الهلال وحال دون منظره قتام أو سحاب. ولو صار اللجوء
إلى الحساب الفلكي وقرر الحاسب أن الشهر سيهل بمضي (29) يوماً
لصار هذا ملغياً لأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإكمال وقاضياً على موجب النص.
ثالثاً: إن صاحب الشرع جعل رؤية الهلال خارجاً من شعاع الشمس
هو السبب فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت
الحكم فألجأ الشرع إلى سبب شرعي آخر هو: إكمال العدة ثلاثين يوماً
التي هي أقصى مدة للشهر القمري بنص الشرع.
أما الحساب ففيه منابذة لهذا، إذ جعل تقدير خروج القمر من الشعاع
سبباً للصوم، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته "، ولم يقل
لتقدير خروجه عن شعاع الشمس. فطالما أن صاحب الشرع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشعر
بحصر السبب: الإهمال أو الإكمال ولم ينصب صاحب الشرع الحساب
لخروجه سبباً فلا يجب صوم ولا فطر. وهذا معنى ما قرره القرافي في
الفروق. والله أعلم.
رابعاً: أن الشرع وقَّت أول الشهر بأمر طبعي عام يدرك بالأبصار فلا
يضل أحد عن دينه، ولا يشغله مراعاته عن شيء من مصالحه، ولا يدخل
بسببه فيما لا يعنيه، ويكون طريقاً إلى التلبيس في دين الله. ويستوي في
معرفته أهل الإسلام كافة على اختلاف طبقاتهم.
وإثباته بالحساب الفلكي يفقد هذه المحاسن الشرعية كما هو بيِّن لمن
تأمله.
وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى هذا أشد البسط
في رسالته كما في: الفتاوى 25 / 134 - 136، 139 - 141. والله أعلم.