على عدوهم، وهذا على مقتضى ما كان عنده من القوة في دين الله، والجرأة، والشجاعة التي خصه الله بها، وجواب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر بما جاوباه به، يدل على أن عندهما من علم باطنه ذلك، وعاقبة أمره ما ليس عند عمر، ولذلك لم يسكن عمر حتى بشره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالفتح، فسكن جأشه وطابت نفسه " (?) رضي الله عنه، وهذا فيه دلالة واضحة على صبر الصحابة على الابتلاء، والله المستعان (?).
الحادي عشر: من موضوعيات الدعوة: الحث على التثبت والتبصر: دل مفهوم هذا الحديث على أن من موضوعات الدعوة: الحث على التثبت والتأني في الأمور؛ لقول سهل بن حنيف رضي الله عنه: «أيها الناس اتهموا أنفسكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أرد أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرددته»، قال الإمام القرطبي رحمه الله: " يعني به التثبت فيما كانوا فيه، والتصبر، وألا يستعجلوا في أمورهم، ووجه استدلاله بها: أن تلك الحالة كان ظاهرها مكروها لهم، صعبا عليهم، فلما تثبتوا في أمرهم، وأطاعوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، جعل الله لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، فكأنه يقول لهم: إن صبرتم على المكروه، وتثبتم في أمركم، واتقيتم الله، جعل الله لكم من هذه الفتن مخرجا كما جعله لأصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الحديبية " (?) وهذا يؤكد أهمية التثبت في الأمور، فينبغي للداعية أن يحث على التثبت والتأني؛ لما في ذلك من المصالح العاجلة والآجلة (?).
الثاني عشر: من وسائل الدعوة: عقد الصلح والهدنة مع الأعداء عند العجز عن الجهاد: عقد الصلح مع أعداء الإسلام مهم عند عجز المسلمين عن الجهاد؛ ولهذا ثبت في هذا الحديث أن حبيب بن أبي ثابت قال: «أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله؛ فقال علي: نعم، فقال سهل بن حنيف: " اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية - يعني صلح