وأشهر استعماله إذا أطلق أن يكون للشر، فإذا أرادوا به الخير احتاجوا إلى قرينة أو تصريح .. فيطلق غالبا على المصيبة التي تحل بالعبد لأن بها يختبر مقدار الصبر والأناة اهـ.
ويقول الإمام البخاري في صحيحه: الابتلاء والتمحيص من بلوته ومحصته أي استخرجت ما عنده، يبلو يختبر، (مبتليكم) مختبركم، وأما قوله بلاء عظيم (فهو) النعم، وهي من أبليته، وتلك من ابتليته. انتهى.
قال الحافظ في الفتح: والمراد به الاختبار، ولهذا قال: هو من بلوته إذا استخرجت ما عنده، واستشهد بقوله نبلو أي نختبر، ومبتليكم أي مختبركم، ثم استطرد فقال: وأما قوله: بلاء من ربكم عظيم أي نعيم، وهو من ابتليته إذا أنعمت عليه، والأول من ابتليته إذا امتحنته .. إلى أن قال: وتحرير ذلك أن لفظ البلاء من الأضداد، يطلق ويراد به النعمة، ويطلق ويراد به النقمة، ويطلق أيضاً على الاختبار، ووقع ذلك كله في القرآن، كقوله تعالى: بلاء حسناً فهذا من النعمة والعطية، وقوله بلاء عظيم فهذا من النقمة، ويحتمل أن يكون من الاختبار، وكذلك قوله ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم، والابتلاء بلفظ الافتعال يراد به النقمة والاختبار أيضاً. انتهى كلام الحافظ، ومنه يعلم المراد.
فالبلاء والابتلاء معناهما الاختبار والامتحان كما ذكرنا، قال في النهاية: والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشر معا من غير فرق بين فعليهما، ومنه قوله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ... {الأنبياء:35}، ومنه الحديث: من أبتلي فذكر فقد شكر ... والابتلاء في الأصل الاختبار والامتحان، يقال بلوته وأبليته وابتليته. ومنه حديث كعب بن مالك: ما علمت أحداً أبلآه الله أحسن مما أبلاني. ومنه الحديث: اللهم لا تبلنا إلا بالتي هي أحسن أي لا تمتحنا ....
وفي فتح القدير للشوكاني، عند تفسير قول الله تعالى: إن هذا لهو البلاء المبين قال: البلاء والابتلاء: الاختبار والمعنى: إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ولده ...
وأما المصيبة فهي تُقال لكل ما أصاب الإنسان من نوائب الدهر، قال في لسان العرب: والصابة والمصيبة: ما أصابك من الدهر.
وأما العقوبة فهي الجزاء على الذنب , وقد تكون معنوية كظلمة القلب وعدم انتفاعه بالمواعظ ونحو ذلك وقد تكون العقوبة حسية كالأقدار المؤلمة التي تصيب العبد الظالم لنفسه.