"بسم الله الرحمن الرحيم"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , أما بعد:
فهذه رسالة تتحدث عن فقه أقدار الله المؤلمة أصالة وأقداره السارة على وجه التبع وموقف المسلم منها , وحقيقة الحياة الطيبة.
• تعريف القضاء والقدر: هو تقدير الله للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته
حكمته أو هو علم الله وكتابته للأشياء ومشيئته وخلقه لها.
والإيمان بالقدر يقوم على أربعة أركان تسمى مراتب القدر وهي العلم والكتابة والمشيئة والخلق , وأفعال العباد داخلة في عموم خلقه عز وجل ولا يُخرجها عن ذلك العموم شيء.
ومفهوم هذه المراتب ما يلي:
1 - العلم: فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم , علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.
2 - الكتابة فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة.
3 - المشيئة فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض فلا يكون شيء إلا بمشيئته , فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
4 - الخلق فنؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل.
وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقدرة بهما يكون الفعل ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى لأن العاصي يُقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدَرها عليه , إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره ونؤمن بأن الشر لا يُنسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداًَ لأنه صادر عن رحمة وحكمة وإنما يكون الشر في مقضياته ومع هذا فإن الشر في المقضيات ليس شراً خالصاً محضاً بل هو شر في محله من وجه , خيرٌ من وجه أو شر في محله خيرٌ في محل آخر.