إذا سلموا وقالوا: السام عليكم، فقولوا: وعليكم»، وهذا يدل على أن اقتصار المسلم على ما ليس فيه أذى هو الأولى؛ لأن هذا من خلق المسلم إذا قال: السام عليكم تقول: وعليك، أما إذا كان لم يفصح بقول: السام أو السلام الواجب، فالواجب أن يقال: وعليكم، وجوبًا لا يزيد، ولا يقول: عليكم السلام ولا وعليكم السلام؛ لأنه يحتمل أنه قال: السام، ويحتمل أنه قال: السلام، فأنت تقول: وعليكم، إن كان قال السام فعليه السام، وإن كان قال السلام فعليه السلام.
ومن فوائد الحديث: أن مطلق السلام كافي، الحديث يقول: «إذا لقيته فسلم عليه»، ولم يذكر الصيغة، فهل الأولى أن تقول: سلامُ عليك، أو السلام عليك، أو سلام عليكم، أو السلام عليكم، بمعنى: هل الأفضل جمع الكاف أو الأفضل إفرادها، وهل الأفضل التنكير أو التعريف؟ في هذا خلاف بين العلماء، والأظهر: أن الأفضل التعريف مع الإفراد بأن تقول السلام عليك ويجوز أن تقول: السلام عليكم إما تعظيمًا له إن كان أهلاً للتعظيم، وإما للإشارة إلى من معه من الملائكة.
ويجوز سلامُ عليك، أو سلام عليكم بالتنكير؛ لأنه ورد السلام وورد سلام بالتنكير، واختار أصحابنا - رحمهم الله- أن التعريف أفضل، يعني: السلام عليكم وهذا هو الذي جاع في القرآن: {وَالسَّلَامُ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدى} [طه: 47]. وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «السلام على من اتبع الهدى»: وقال في زيارة القبور: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين».
ومن ذلك: «إذا لقيته فسلم عليه»، ظاهر الحديث أن تبدأ بالسلام، ولو كان أكبر منك أو أصغر أو أكثر أو أقل، وهذا هو الحق أن الأفضل أن تبدأ بالسلام حَتّى وإن كان دونك؛ لأنه أضاع ما هو حق عليه فلا تُضيع أنت السُنة كلها، وإلا فإن الأفضل أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، لكن لو فرض أن واحدا منهم لم يقم بما ينبغي أن يقوم به فلا تدع السُنة، لا تقل: الحق عليه هو الذي يسلم، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، سواء كان صغيرًا أو كبيرا.