ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى الحكمة في القسم بهذه الصيغة، وهو أن الإنسان يتذكر أنه سيموت وأن نفسه بيد الله.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي الإقسام ويشرع من أجل طمانينة المخاطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ليطمئن المخاطب، فإن المخاطب قال: "أنشدك الله ... إلخ"، فكان من المشروع أن يقسم له من أجل أن يطمئن، وعلماء البلاغة يقولون: المخاطب له ثلاث حالات: متشكك، أو خالي الذهن، أو منكر، فإن كان خالي الذهن فإنه لا يحسن أن تؤكد الكلام له بقسم؛ لأن خالي الذهن سوف يصدق إلا إذا كان المخبر به أمرًا مهمًّا يحتاج إلى تثبيت فلا بأس.
والثاني: المتردد يحسن أن تقسم له أو أن تؤكد الكلام بأي مؤكد آخر من أجل زوال التردد الذي في نفسه.
والثالث: منكر يجب أن يؤكد له حتى يزول إنكاره، في هذا الحديث من أي الأقسام الثلاثة المخاطب؟ الثاني.
ومن فوائد الحديث: أن ما جاءت به السنة فهو من كتاب الله لقوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، ثم قضى بما لم نجده بعينه في القرآن، وإن كان القرآن يتضمن على سبيل العموم ما حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أن من قبض مالًا بغير حق وجب رده على صاحبه، لقوله: "الوليدة والغنم رد عليك" هذا خبر بمعنى: الإلزام، أي: مردود عليك، فكل من قبض مالًا بغير حق وجب رده إلى صاحبه.
فإن قيل: فمن أين نعلم أنه بحق أو لا؟
قلنا: بعرضه على الكتاب والسنة، فإذا كان الكتاب والسنة يجيزان له ذلك فهو بحق وإلا فلا.
ويرد على هذا سؤال أيضًا وهو إذا لم يعلم صاحبه فماذا يصنع؟ نقول: إذا لم يعلم صاحبه ولا ورثته فإنه يتصدق به عمن هو له، ولا نقول: عن صاحبه، بل نقول: عمن هو له، لأنه من الجائز أن يكون صاحبه قد مات وانتقل إلى ورثته، فنقول: عمن هو له.
ويرد على هذا سؤال آخر: هل إذا تصدق به عن صاحبه يبقى حق صاحبه في الآخرة لقاء ما حال بينه وبين ملكه؟ وهل إذا دفعه إلى الورثة أيضًا حق المورث؟ الذي يظهر من عمومات الأدلة في أن من تاب، تاب الله عليه يسقط حق صاحبه المال ولو حال بينه وبينه هذه المدة ويتحمل الله سبحانه عن صاحب المال ما يكون مقابل ظلمه في هذه المسألة، ويرد على هذا إذا أخذه بغير حق شرعي، ولكن صاحبه قد أخذ مقابله، مثل مهر البغي وحلوان الكاهن وثمن الكلب فهل يرده لصاحبه الذي أخذه منه كامرأة زنى بها رجل بأجرة، ولما فرغ