ومن فوائد الحديث: خطر الإجراء والخدم على الأهل؛ لأن هذا الأجير خادم، وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة ومع ذلك لم تسلم امرأة من استأجره من عدوان هذا الأجير عليها، وقد يكون بغير عدوان كأن يكون زوجها تمادت به السن وهذا رجل شاب وأعجبها وطلبته لنفسها لا ندري، ولهذا قالت امرأة العزيز لما أخذت يوسف إلى النساء: {فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} [يوسف]، فصحرت بما لا تملك أن تسكت عليه، فالنساء كالرجال كما أن الرجل يرغب في المرأة الجميلة، كذلك ترغب المرأة في الرجل الجميل وربما لا تملك نفسها إذا رأت الجميل أن تدعوه إليها إذا لم يكن إيمانها قويًّا.
المهم: نأخذ من هذا الحديث: خطر الخدم، إذا كان هذا الخطر وقع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة فما بالك بعهدنا! !
ومن فوائد الحديث: التصريح بما يستقبح ذكره لدعاء الحاجة لذلك لقوله: "فزنى بامرأتي"، وكان يكفيه أن يقول: فأتى امرأته أو وقع على امرأته أو وقع على امرأته لكنه صرّح؛ لأن المقام يقتضي ذلك.
ومن فوائد الحديث: ضرر الفتيا بلا علم؛ لأنها غيرت الحكم الشرعي فأبرأت المرأة من الحد وجعلت الحد على الأجير رجمًا وليس كذلك، فالفتيا بلا علم خطرها عظيم، ولهذا حرمها الله عز وجل وقرنها بالشرك به فقال تعالى: {إنّما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم يُنزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33].
ومن فوائد الحديث: فضل أهل العلم وأنهم في الأرض نور وهدى لقوله: "فسألت أهل العلم فأخبروني بكذا وكذا".
ومن فوائده: جواز فتيا المفضول مع وجود الفاضل؛ لأن الرجل استفتى أهل العلم وأفتوه مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حاضرًا موجودًا، لكن يحتمل أن هذا الأعرابي خارج المدينة وأنه استفتى أهل العلم الذين عنده، وإذا كان الأمر كذلك تبطل هذه الفائدة، والقاعدة عند العلماء أنه إذا تطرق الاحتمال إلى الدليل سقط الاستدلال به، ولكن يقال: هذه المسألة- وهي إفتاء المفضول مع وجود الفاضل- واقعة في عهد الصحابة- رضي الله عنهم- فما زالوا يفتون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد عهده مع وجود من هو أفضل منهم، لكن الكلام على أن الفتوى تكون بعلم.
ومن فوائد الحديث: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه وقضائه، وأنه يسلك أقرب الطرق إلى إقناع المخاطب، لقوله: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله".
ومن فوائد الحديث: جواز الإقسام وإن لم يستقسم إذا دعت الحاجة أو اقتضت المصلحة ذلك لحلف النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يُستحلف؛ لأن المقام يقتضي ذلك حتى يقتنع الجميع.
ومن فوائد الحديث": جواز القسم بهذه الصيغة: "والذي نفسي بيده".