أيضًا لا يقع منه الطلاق لكن لو حاكمته المرأة ورجعنا إلى القاضي فإن القاضي يحكم بالطلاق اعتبارًا بظاهر اللفظ لئلا يقع التلاعب من أهل الفسق يطلق ألف مرة ويقول ما أردت الطلاق.
فإذا قال قائل: إذا كان الحكم يقع عليه الطلاق وليس لنا إلا الظاهر فهل يجب على المرأة أن تحاكم الزوج لإيقاع الطلاق أو لا يحل لها أن تحاكم الزوج خوفًا من أن يكون صادقًا؟
فالجواب على هذا أن نقول: يجب أن ننظر إلى هذا الزوج إن كان عند الزوج تقوى لله وخشية له وأنه لا يمكن أن يدَّعي أنه لم يرد الطلاق إلا وهو صادق فهنا لا يحل لها أن تحاكمه لأنها إذا حاكمته سوف يفرق بينهما وهي زوجته وإن كان الرجل من المتهاونين الذين لا يبالون وليسر له همٌّ إلا أن يشبع رغبته فيجب عليها أن تحاكمه من أجل أن يحكم القاضي بالطلاق ويفرق بينهما.
وقول المؤلف: وأما المدخول بها فإن كانت حائضًا أو نفساء، حرم طلاقها، أما الحائض فلا شك في تحريم الطلاق لما جرى من قصة ابن عمر فإن الرسول تغيظ فيه ورده، لكن إذا كانت نفساء ففي تحريم طلاقها نظر وفي عدم وقوعه أيضًا نظر؛ لأن من طلقها وهي نفساء فقد طلقها للعدة، النبي صلى الله عليه وسلم علَّل التحريم؛ لأنه مخالف للعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء والنفساء إذا طلقها زوجها فقد طلقها للعدة لأنها تشرع في العدة من حين أن يطلقها كما لو طلق الآيسة والصغيرة التي لا تحيض لأنها تشرع في العدة من حين الطلاق فالظاهر لي أنا أن طلاق النفساء لا يحرم وأنه يقع؛ لأن المطلق قد امتثل أمر الله في قوله: {فطلقوهنّ لعدَّتهن} فهذه النفساء تشرع في العدة من حين الطلاق ويبقى حتى يأتيها الحيض ثلاث مرات بخلاف من طلقها في الحيض، فإذا طلقها في الحيض فإن الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة فيكون قد طلق في غير العدة لأنها لا تحسب من العدة فهذا هو الفرق.
واختلفوا في وقوع المحرم من ذلك، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: الطلاق في الحيض، أو في الطهر الذي واقعها فيه.
المسألة الثانية: في جمع الثلاث، ونحن نذكر المسألتين تحريرًا وتقريرًا، كما ذكرناهما تصويرًا، ونذكر حجج الفريقين، ومنتهى أقدام الطائفتين، مع العلم بأن المقلد المتعصب لا يترك من قلده ولو جاءته كل آية، وأن طالب الدليل لا يأتم بسواه، ولا يحكم إلا إيام، ولكل من