تحض بعد والآيسة والحامل ومن طلِّقت في طهر لم تجامع فيه. كل هؤلاء طلاقهن جائز طلاق سنة.
وفي سنن النسائي وغيره: من حديث محمود بن لبيد، قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان، فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ "، حتى قام رجل، فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله.
وفي "الصحيحين": عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان إذا سئل عن الطلاق قال: "أما أنت إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين"، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا، وإن كنت طلقتها ثلاثًا، فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك، وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك.
فتضمنت هذه النصوص أن المطلقة نوعان: مدخول بها، وغير مدخول بها، وكلاهما لا يجوز تطليقها ثلاثًا مجموعة، ويجوز تطليق غير المدخول بها طاهرًا وحائضًا.
وأما المدخول بها، فإن كانت حائضًا أو نفساء، حرم طلاقها، وإن كانت طاهرًا، فإن كانت مستبينة الحمل، جاز طلاقها بعد الوطء وقبله، وإن كانت حائلًا لم يجز طلاقها بعد الوطء في طهر الإصابة، ويجوز قبله، هذا الذي شرعه الله على لسان رسوله من الطلاق، وأجمع المسلمون على وقوع الطلاق الذي أذن الله فيه، وأباحه إذا كان من مكلف مختار، عالم بمدلول اللفظ، قاصد له.
هذه القيود للمتفق عليه أولًا إذا كان "من مكلف" فإن كان من صغير ففي وقوع الطلاق منه خلاف، والمذهب إذا كان يعقل الطلاق وإذا كان من مجنون لا يقع الطلاق؛ لأنه لا يعقل، الثاني: "مختار" ضده المكره لا يقع منه الطلاق لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق في إغلاق"، والثالث: "عالم بمدلول اللفظ"، فإن كان لا يعلم كرجل أعجمي قال لزوجته: أنت طالق وهو لا يعرف معنى طالق، أو رجل عربي قال لزوجته بلغة غير عربية ما معناه: أنت طالق، فإنه لا يقع الطلاق، لماذا؟ لأنه لا يعلم مدلوله ما يدري ما معنى أنت طالق، الرابع: "قاصد له" فإن لم يقصد فإنه لا يقع الطلاق لو قال لزوجته أنت طالق ولم يقصد الطلاق فإنه لا يقع ولكنه يقع حكمًا، يعني: عند التحاكم نلزمه به؛ لأن النية أمر باطن لا يعلم وهنا ينبغي أن يقسم قول القائل: أنت طالق إلى ثلاثة أقسام القسم: الأول: أن ينوي الطلاق فيقع الطلاق ولا إشكال فيه، الثاني: أن ينوي غير الطلاق بأن ينوي بقوله: أنت طالق أي من قيد أي لست مربوطة فهذا لا يقع الطلاق ولا إشكال فيه، الثالث: ألا يقصد هذا ولا هذا يكون كلمة خرجت من لسانه ولا يقع لا هذا ولا هذا