أعلامها كلها حمرًا صح أن نطلق عليها أنها حلة حمراء مثل ما نقول لكم الآن: الشماغ هذا أحمر أم أبيض؟ أحمر وإن كان فيه بياض، فابن القيم يرى أن لبس الأحمر محرمًا، وأن ما ورد من كون الرسول صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء فالمراد: أن أعلامها حمر وليس حمراء خالصة.
فبناء على ذلك فإن ما يوجد من الثياب التي يلبسها بعض الناس- بعض فئات الناس مثل الكنّاسين، ومثل العاملين في الأندية الرياضية يلبسون أحمر خالصًا- نقول لهم: إن هذا إما مكروه وإما محرم، فإن كان فيه أعلام بيض أو صفر أو لون آخر زالت الكراهة؛ لأنه ليس أحمر خالصًا، والحكمة من النهي أما بالنسبة للقسي فظاهرة لأنه من الحرير، أما للمعصفر فقد قيل: إنه لباس أهل النار فلا ينبغي للإنسان أن يتشبه بهم.
505 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: ((رأى عليَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معصفرين، فقال أمُّك أمرتك بهذا؟ )). رواه مسلمٌ.
((رأى عليَّ)) هل هي رؤية عين؟ نعم، فقال: ((أمُّك أمرتك بهذا؟ )) ((أمك)) مبتدأ، ولكنه على تقدير همزة الاستفهام، والتقدير: أؤمك أمرتك بهذا، و ((أمرتك)) الجملة خبر المبتدأ، وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأن ذلك من لباس النساء لا يلبسه الرجال، ولا يخفي ما في هذا القول من التوبيخ والتقريع لعبد الله بن عمرو بن العاص؛ مثل ما يقول الناس الآن: تربية هذا الرجل تربية امرأة، يعنون: أنه ناقص التربية، فكذلك قوله: ((أمك امرأتك بهذا))؛ لأن تربية الأم ناقصة، ولأن هذا من لباس النساء.
فيستفاد من هذا الحديث: وجوب الإنكار على من تلبس بالمنكر لقوله: ((أمك أمرتك بهذا)).
ويستفاد منه: أن لباس الأحمر جائز للنساء؛ لأن قوله: ((أمك أمرتك بهذا)) من أجل أن النساء يعتدن ذلك فتظن المرأة أنه يجوز للرجل أن يلبسه.
ومن فوائد الحديث: أن تربية الأم ناقصة لقوله: ((أمك أمرتك بهذا))، ولذلك قال أهل العلم في باب الحضانة: أنه إذا خيِّر الغلام الذي بلغ سبع سنين واختار أمه فإنه يكون عندها ليلًا وعند أبيه نهارًا لأجل أن يؤدبه ويقوم بمصالحه.
506 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: ((أنَّها أخرجت جبَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكفوفة الجيب والكمَّين والفرجين بالدِّيباج)). رواه أبو داود، وأصله في مسلمٍ.
قولها: ((الجيب)) هو الطريق يوصل معه الرأس، وقولها: ((الكمين)) معروف، وقولها: ((الفرجين))