هما شقان تشق بهما الجبة أحدهما من الأمام والثاني من الخلف، وسمي فرجين؛ لأنها تنفرج الجبة إذا شقت من الأسفل، وقولها: ((مكفوفة)) يعني: أنها كف بعضها على بعض؛ يعني: ثني بعضها على بعض وخيط بالديباج، فهذا دليل على أنه يجوز أن يكون طوق الجبة، وأن يكون أكمام الجبة، وأن يكون فرج الجبة من الحرير؛ لأن هذا يسير تابع، فهو داخل في حديث عمر السابق: ((إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع)).
- وزاد: ((كانت عند عائشة حتَّى قبضت، فقبضتها، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها)).
- وزاد البخاريُّ في الأدب المفرد. ((وكان يلبسها للوفد والجمعة)).
((زاد)) يعني: مسلم ((كانت هذه الجبة عند عائشة حتى قبضت)) يعني: ماتت، ((فقبضتها))، ولكن يشكل على هذا الحديث كيف كانت عند عائشة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة)). والجواب على ذلك: أن عائشة رضي الله عنها لم تتملكها، ولهذا من الذي أخذها؟ أسماء بنت أبي بكر، أخذتها أختها، ولكنها كانت عندها لنفع الناس بها.
قالت: ((وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها))، و ((كان يلبسها للوفد والجمعة)) يعني: الجبة، فهذا دليل على أن عائشة رضي الله عنها ما اقتنتها لنفسها، ولكن لنفع المسلمين كانوا يغسلونها للمرضى يستشفون بها، لماذا؟ لأنها جبة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق لنا أن يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا بأس بها، ومن آيات الله عز وجل، أن هذه الجبة تغسل للمريض ويؤخذ الماء ثم تغسل لمريض ويؤخذ الماء، ثم لمريض ثالث، وكل ذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم.
الشاهد من هذا الحديث: أن جبة الرسول- عليه الصلاة والسلام- كانت مكفوفة الجيب والكمين والفرجين والديباج، فدلّ ذلك على أنه يجوز أن تكفَّف مثل هذه الأشياء وأن تخاط بالديباج، وقاس شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المسألة مسألة الذهب، وقال: إن الذهب والحرير بابهما واحد، وأن العباءة التي تجعل بالزر الذي يكون من الذهب لا بأس بها لأنها تابعة وليست مستقلة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز الذهب ولو كان يسيرًا تابعًا، وقال: إن الأصل بقاء الأحاديث على عمومها، وخرج ما كان موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع من الحرير بالنص فبقي الذهب على حاله محرمًا.
من فوائد الحديث: جواز كف الطوق والكم والفرج من الجبة بالحرير، وجه ذلك: أن