حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَدَّرَهَا بِسِتِّمِائَةٍ نَحْوُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) عِنْدَنَا إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّمَانِ بِإِتْلَافِهِ كَمَا يُجْعَلُ بِيضُ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ كَالصَّيْدِ فِي إيجَابِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ بِكَسْرِهِ انْتَهَى تَبَصَّرْ (قَوْلُهُ وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَنَا إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ) اعْلَمْ أَنَّ النَّاظِرِينَ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَحَيَّرُوا فِي تَوْجِيهِ هَذَا الْقَيْدِ: أَعْنِي قَوْلَهُ إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: قَيَّدَ بِهَذَا احْتِرَازًا عَنْ جَنِينِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ لَا تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ كَذَا وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِي، لَكِنْ هَذَا لَا يَتَّضِحُ لِي لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ هُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْبُلُوغِ إلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا يَجِيءُ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ. وَسَائِرُ الشُّرَّاحِ أَيْضًا ذَكَرُوا التَّوْجِيهَ الَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ خَطِّ شَيْخِهِ، وَرَدُّوهُ بِمَا رَدَّهُ بِهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَقَوْلُهُ إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ كَأَنَّهُ سَهْوُ الْقَلَمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إذْ بِسُكُونِ الذَّالِ بِلَا أَلِفٍ بَعْدَهَا: يَعْنِي أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهَا مَقْدِرَةٌ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالْعَاقِلَةُ تَعْقِلُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَا تَعْقِلُ مَا دُونَهَا انْتَهَى.

وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ هَذَا التَّوْجِيهَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِرَدٍّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ التَّوْجِيهَ الْأَوَّلَ مَعَ رَدِّهِ حَيْثُ قَالَ: قِيلَ قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ جَنِينِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ لَا تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ هُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقَيُّدٍ بِالْبُلُوغِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى مَا يَجِيءُ.

وَقِيلَ لَعَلَّهُ وَقَعَ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ إذْ كَانَ خَمْسَمِائَةٍ تَعْلِيلًا لِكَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ انْتَهَى.

فَكَأَنَّهُ ارْتَضَى التَّوْجِيهَ الثَّانِي. أَقُولُ: التَّوْجِيهُ الثَّانِي أَيْضًا مَرْدُودٌ عِنْدِي، إذْ لَا مَعْنَى لِتَعْلِيلِ كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ بِكَوْنِهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ إذَا بَلَغَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ عَلَى الضَّارِبِ كَمَا دُونَهُ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ آنِفًا حَيْثُ قَالُوا: إنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ فَهُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْبُلُوغِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ مَعَ جَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُنْتَقَضُ بِكُلِّ عَمْدٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهِ بِشُبْهَةٍ وَوَجَبَ دِيَةٌ بَالِغَةٌ إلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَيْضًا فِيمَا فَوْقَهَا، فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مَعَ جَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ أَيْضًا. ثُمَّ أَقُولُ: هُنَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشُّرَّاحُ وَهُوَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015